أنا أحد الشباب الذين لهم دور في نشاط الحي والحمد لله، ولكن هذا يأخذ علي أغلب وقتي في حل المشاكل والاجتماعات وفي أشياء أخرى، علماً بأن هذه المشاكل قديمة جداً وقد ضيعت أوقات الشباب الذين سبقوني في الحي وأنا لا أرى أي تقدم في هذه المشاكل، فهي تختفي فترة ثم تعود، فأنا في حيرة من أمري، هل أبقى على هذه الحال علماً بأني لو بقيت لكنت شبه الشمعة تضيء للناس وتحرق نفسها، وقد أستطيع أحياناً أن لا أحترق لكن يذهب علي وقت قد استغله لنفسي مثل الرحلات والخرجات والجلسات، وقد فكرت في الانقطاع الكلي والاستفادة من وقتي لنفسي، لكن أنكر علي الكثير من الإخوان بحجة كتمان العلم وعدم خدمة الغير، وأنا في حيرة من أمري ولا يمكن أن أكون وسطاً فهذه بالنسبة لي لا أستطيع لظروف هذه المشاكل علماً أنها مكررة، وحلها شبه مستحيل؟
الجواب
هذا من قدر الله الذي ابتلانا به، ولابد أن نصبر، وأن نوفق ونسدد ونقارب فهذه مشكلتنا كلنا، فأحياناً نقول: نسحب التلفون حتى لا يدخل أحد علينا، فتأتيك أشياء أخر، فهذه مشكلة، وخاصة كما تفضل الأخ، فقد يكون في الحي إمام مسجد أو داعية، فماذا يفعل؟! هذا يريد أن يتوب، وهذا يريد أن يهتدي، وهذا عنده مشكلة يريد أن يحلها، فلابد أن نجتهد، فهذا الزمان تقارب الناس فيه، وتقاربت وسائل الاتصال فيه، وأصبح يمكن للشخص أن يشغلك من أمريكا وأنا بعض الليالي تأتني مكالمة حوالي نصف ساعة من أمريكا، فإن أغلقت الباب أتاك من يدق عليك من جهة أخرى، كان الناس يرحلون في السابق على الإبل وأما الآن فالتلفون قد قرّب الأماكن، وهذه ضرورة فماذا تفعل؟ والوسطية شيء جميل وليست بمستحيلة وهذا شيء لابد منه، وهذا قدرنا وهكذا أراد الله، فلابد أن نجتهد في ذلك، فلو أقفلنا الأبواب والوسائل جميعاً وبقينا على أنفسنا فقط، فإن ذلك لا ينفع ولا يليق بنا ولا ينبغي لنا، ولو فتحنا الباب على مصراعيه، فلن نستفيد أبداً، والناس كل منهم يأتيك ويظن أنه الوحيد، ويقول لك: عشر دقائق، وما علم أن هذه الكلمة يقولها كل أحد قبله، وأن الأعشار ضيعت الأعمال، فلابد من التوفيق ولهذا نقول للإخوة: يجب أن نتقِ الله في أوقات بعضنا، ونحفظ أوقات إخواننا، والشباب لابد لهم من مربين ولابد لهم من موجهين وهذا لا شك فيه، وهذه ضرورة لابد منها.
لكن أن الأخ كما قال: يربي ويربي ويحل مشكلة ثم تعود فهذا خلل فينا نحن، فالذي يربينا ربانا واجتهد وتعب، ثم ننتكس ونعود وكأنه لم يفعل شيئاً، فلابد أن يكون التعاون منا ومنه، ولا بد أن يصبر الأخ هذا على ما يلاقي من إخوانه وعلى الإخوان أن يتوجهوا، وأن يحافظوا على وقت أخيهم أو موجههم مثلاً.
وأيضاً ما يتعلق بالعامة، وإن كنا أحياناً نتعب معهم ونضيع الوقت معهم، بكلمة كيف الحال، وكيف الأخبار، وكيف الأمطار، وكيف الدراسة؟! لكن ينبغي أن لا نجرح شعورهم، فلابد أن نصبر لأنه هكذا أراد الله، ولعل دعوة مثل هؤلاء الناس هي التي تبارك لك في ربع ساعة تقرأ فيها، ولعل بركة هذا العلم والدعوة هي في مثل دعاء هؤلاء الناس، أو في الإحسان إليهم أو شيء من هذا والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أعظم الناس عبادة ودعوة ومحافظة على الوقت، استوقفته عجوز ووقف معها حتى قضى حاجتها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلابد أن نصبر، ومع ذلك ينبغي من الناس الإلحاف.
ولما سأل رجلٌ رجلاً آخر وطلبه ولم يعطه قال: أين الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة؟! قال: ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافاً، فلابد من الطرفين، ولابد أن تؤثر ولو كان بك تعب أو ظروف ونسأل الله أن يعيننا على هذه الأعذار.