أنا شاب أعيش في عائلة تكثر فيها المنكرات، حاولت معهم بقدر استطاعتي لإزالة المنكرات التي تكاد تكون ضعيفة جداً ولكن لا فائدة، مع العلم أنني لا آمن على نفسي أن أرتكب كبيرة من الكبائر؟
الجواب
هذه حالة من حالات الأمة، ومن حالات الشباب، نأخذها الآن نموذجاً؛ فهذا شاب -ولا أعنيه بذاته- سمع النصائح والمواعظ والتوجيهات، وعاشر بعض الإخوة وخالطهم، وسمع أشرطة طيبة؛ فاستقام واهتدى، والآن يريد أن يدعو إلى الله، فيأوي إلى بيته وإذا به يرى أبويه متلبسين بالمعاصي، وأخواته وإخوانه كذلك، فماذا يصنع؟ من هنا نعرف واجبنا نحن طلبة العلم، وهذا الواجب لا يقع على عاتق خطيب خطب وذهب، أو واعظ وعظنا وذهب إلى حاله، ولا على عاتق مؤلف ألف كتاباً فاشتريناه وقرأناه، بل يجب علينا جميعاً أن نعاون مثل هذا الشاب، ناصحين ومربين له.
إن إمام المسجد الذي يصلى عنده، أو مُدرسه، أو شيخه الذي يتلقى على يديه العلم، وأمثال أولئك، يجب أن نعيش مع مثل هذه الحالة، فالتوجيهات العامة لا تكفي، لأننا نستطيع أن نقول: يجب عليك يا أخي المسلم أن تصبر على أذى الوالدين، وإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}[لقمان:١٥] نعم، لكن كيف يطبق هذه الآية؟ وعلام يصبر، وعلام لا يصبر؟ فتحقيق المناط له صفات معينة لابد منها، فنحن ننصح هذا الأخ وبقية الإخوة عموماً بما يلي: أولاً: بأن يقوي إيمانه؛ لأنه يقول: بأنه لا يستبعد أن يرتكب كبيرة من الكبائر -نسأل الله العفو والعافية- وإذا انتكس الإنسان فرجوعه أصعب من هدايته أول الأمر، فنسأل الله لنا وله الثبات ونقول له: قو إيمانك، وتوكل على الله واعزم على الحق، وخذ هذا الدين بجد، وأقبل عليه، وعوامل تقوية الإيمان كثيرة منها: الصحبة الطيبة، ومنها: ذكر الله، ومنها: قراءة القرآن، ومنها: التفكر في ملكوت السماوات والأرض، ومنها: زيارة المقابر وغيرها مما يقوي الإيمان.
ثانياً: لابد أن تكون العلاقة مع الوالدين -مهما فعلا- علاقة طيبة مع الصبر؛ لأنه كما ذكر الله أنه ليس بعد الشرك ذنب، وأن الشرك أعظم ذنب؛ لكن مع ذلك فقد أُمِرَ الإنسان بأن يصاحبهما في الدنيا معروفا، والأصل أن لا يخالطهما ولا يقرهما فيما يفعلان من المنكرات، وعليك أن تجتهد بذلك بقدر المستطاع، وأن تستشير من يرشدك.