للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تناقض كتب النصارى وحيل رهبانهم]

ومن التحقيقات البديعة التي تجدونها في هذا الكتاب وشهد لها المؤلفون المعاصرون، أنه رحمه الله يقول لبيان تحريف النصارى: 'إن أصح ما عندكم بإجماع أهل الكتاب جميعاً هي التوراة، التي هي الأسفار الخمسة -ثم ما بني عليها على اختلاف كبير فيما بينهم في هذا، يقول:- هذا هو أصح الكتب عند أهل الكتاب نسخة السامرة غير النسخة الموجودة الأخرى، حتى في الكلمات العشر أو الوصايا العشر' وفعلاً الآن توجد كتب محققة عن التوراة السامرية يظهر مخالفتها للتوراة اليهودية المعروفة، وهذا من بديع التحقيق والاطلاع لديه رحمه الله تعالى رحمة واسعة، ثم يقول: 'وكذلك رأينا في الزبور نسخاً متعددة يخالف بعضها بعضاً مخالفة كثيرة في كثير من الألفاظ والمعاني يقطع من رآها أن كثيراً منها كذب على زبور داود عليه السلام، وأما الأناجيل فالاضطراب فيها أعظم من الاضطراب في التوراة' ثم يأتي بعد ذلك إلى إكمال الموضوع.

أيضاً مما يدل على معرفته للواقع من جهة، واطلاعه على المؤلفات من جهة أخرى، قوله رحمه الله مثلاً: 'وقد صنف بعض الناس مصنفاً في حيل الرهبان، وقد ذكر عجائب منها.

أن يجعلوا في الماء زيتاً على المنارة ثم يوقد فيظنون أن الماء انقلب زيتاً'، والحيلة أنهم يجعلون الزيت في الأعلى لأنه يطفو فوق الماء ويصبون الماء، فإذا ظهر في المنارة وقدح فيه أصبح زيتاً، وقالوا: هذا من كرامات العذراء ومن كرامات الراهب، وهذا من الحيل.

وذكر من الحيل أيضاً: النخلة التي يقال إنها تصعد إلى الراهب وقد بين أن هذه النخلة مغروسة في سفينة، وأن هناك سداً، فإذا أريد -كما يزعمون- أن تُرى هذه المعجزة: فتح الماء فتعلو السفينة فترتفع النخلة إلى محاذاة الراهب، فإذا أجري الماء نزلت، فيقال: إنها ارتفعت إليه وأكل من جناها ثم هبطت!! وغيرها من أنواع الحيل والمخاريق.

ولم يكتف بالحيل عند النصارى، بل يأتي أيضاً بما عند المسلمين، وهذا من عدله رحمه الله، فيذكر أن هذا الشطح وهذا الدجل أيضاً موجود عند الصوفية وأمثالهم، وأن هذه الأحوال الشيطانية والمخاريق البهتانية، يوجد عند أهل الإلحاد المبدلين لدين محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثلها.

ثم يتعرض في أثناء كلامه إلى تكلم الجني على لسان المصروع، وأنه يتكلم بكلام لا يعرفه ذلك المصروع ولا يدري عنه؛ لأن المتكلم هو الجني أو الشيطان المتلبس به، وقد يخبر بعض الحاضرين بما في قلبه، ويكون ذلك من الشيطان، فإذا فارق الشيطان ذلك الشخص لم يدر ما قال، وهذا هو الواقع كما ذكر رحمه الله.