[كيفية تصحيح النية في طلب العلم]
السؤال
إن الإنسان عندما يبدأ بطلب العلم لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خالصاً يلاحظ دخول الرياء بين فترة وأخرى على نفسه، وأيضاً يجد أنه يريد شيئاً غير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من طلب الشهادة والوظيفة والمكانة؛ فكيف يصل إلى تصحيح النية في طلب العلم الشرعي؟
الجواب
الذي جاء وبدأ في طلب العلم أو في أي عملٍ من أعمال الطاعة، وهو لا ينوي بذلك وجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن عليه أن يتوب وأن يستغفر الله وأن يصحح نيته ويحولها لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وأما الذي وُفِّق من أول الأمر لأن تكون نيته لله, ولكن يسأل: كيف يثبت تلك النية ويجردها لله؟ فليعلم أن حالنا مع أنفسنا كحالة جهاد عدو لا يفتر؛ عدوٌ أعطاه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومكَّنه من قلوبنا يجري منا مجرى الدم, ونفسٌ أمارة بالسوء تحب أن تخلد إلى الأرض, وشهوات ومغريات من كل جانب, ودعاة على أبواب جهنم يريدون إلقاء الناس فيها.
فلا يكفي أنني أبتدئ بالعمل وأنا مجرد للنية خالصة لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن هؤلاء الأعداء لا يتركونني أبداً، أنا في طريق قُطّاعه كثير، وعقباته كثيرة, ومفاوزه مهلكة موحشة، ولا سبيل إلى الاهتداء إلى هذا الطريق إلا بالحذر واليقظة؛ بأن يكون القلب يقظاً في كل حين ألَّا يخرج ولا يحيد عن الإخلاص, وعن طلب العلم لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وعن طلب الحق والدعوة إليه كما أمر الله وكما شرع؛ فلا بد من الجهاد.
والنفس قد تغلب تارة, والشيطان قد يغلب تارةً أخرى, ولكن نحن نغلبه -بإذن الله- بالاستغفار وبالتوبة وبتصحيح النية وبتجديدها، وكما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب}.
فلا بد من تجديد الإيمان, ونعلم أنه إذا كان يبلى ويضمحل إلى أن يتلاشى، فلا بد أن نجدده في كل وقت، ولهذا من نظر إلى عبادتنا, وجد أن الله تبارك وتعالى شرع هذه الصلوات الخمس، لنجدد إيماننا في كل يوم وفي كل حين؛ كل يوم خمس صلوات، وشرع الله لنا حلقات الذكر, ومجالس العلم وقراءة القرآن, والتفكر في الآخرة, وما أشبه ذلك؛ كل ذلك ليتجدد الإيمان في قلوبنا.
وإلا فقد كان يكفي أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقولوا: "لا إله إلا الله" وقد قالوها بصدق وحق وإخلاص ثم ينطلقوا، ولا شيء عليهم بعد ذلك!! لكن كم عانوا! وكم عانى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعب في تربيتهم حتى استكملوا الإيمان، ووصلوا إلى الدرجة العليا التي أثنى الله تبارك وتعالى عليهم بها! ونسأله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يلحقنا بهم, إنه سميع مجيب.