للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأثر الثاني: الانفصام والتناقض]

وجود نوع من الانفصام والتناقض في حياة الكثير من شباب الأمة، وأخص الأطفال بالذات؛ لأن هذا الشاب أو هذا الطفل يطلب منه أمور مثلاً: يوجهه والده إلى أمر، أو توجهه المدرسة إلى أمر، فيأتي إلى واقع المجتمع، وينظر إلى ما حوله، فيجد خلاف ذلك، قد يستطيع الكبير أن يستوعب هذا التناقض، لكن الصغير لا يستوعب، الصغير بفطرته، يصدق كل ما يسمع، يصدق كل ما يقال، لو أخبرته أن البحر عبارة عن شيء من السماء لصدق؛ لأنه ليس لديه خبرة في هذه الحياة، فإذا قيل له: افعل كذا، ثم وجد خلاف ذلك، كما لو جلس مع والده يشاهد فيلماً -فيما يسمى بالفيديو- فوجد أن شاباً يقبل فتاة في هذا الفيلم، الأب يشاهد هذا ولا ينكره، الطفل ماذا يسمع من والده، هل يسمح له والده بأن يقبل فتاة؟! أو يسمح له المجتمع فعل ذلك؟ لا.

فيقول: إذاً كيف أشاهد هذا؟! وكيف يقر والدي هذا؟! ووالدتي بجانبي، وأسرتي بجانبي، وأنا لا أرى هذا يطبق، ولا أرى هذا شيئاً مسموحاً به، فهنا ينشأ شيء من التناقض، وفي هذه السن بالذات يؤدي هذا إلى شلل ومشاكل لهذا الطفل.

ومن أخطر نقاط التناقض التي تبثها وسائل الإعلام -سواء المقروءة أم المسموعة أم المرئية- التناقض العقائدي، الذي تكلم عنه الشيخ سفر الحوالي -جزاه الله خيراً- ولكن أنا أذكر ذلك من خلال مثال: حيث إن كثيراً من الأطفال ينشأ عنده ما يسمى بحماة الكون، ومن قبل كان هناك الرجل الجبار الذي يسمونه سوبرمان وغيره، وهي شخصيات خيالية، أدخلت إلى عقول الأطفال، والطفل كل همه أن يصبح مثلها.

ولكن أتكلم عن حماة الكون، هؤلاء مجموعة يحمون هذا الكون، أين هذا التصور الذي يُغرس في عقل هذا الطفل من قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [فاطر:٤١] أين هذا من الذي يسمع ويقال له: إن هناك حماةً للكون: فلان، وفلان، وفلان، ولديهم القدرة، ثم يأتي ويقرأ في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه لا يمكن أن تستقيم أمور هذه السموات والأرض، إلا إذا أمسكتها يد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يمكن أن تستقيم بغير هذا، فهذا التناقض العقائدي من أخطر الأمور التي يواجهها الطفل المسلم.