إننا لو افترضنا أن الشباب فقط (ستمائة مليون) معنى هذا أن الشباب المسلم وحده سوف يكون أكثر من عدد سكان أوروبا بشيوخها وشبابها وصغيرها وكبيرها، وهذا يستتبع مسئولية عظيمة جداً؛ فهم يخافون منا، ونحن إلى الآن لم ندرك قيمتنا، ولم نعرف واجبنا، ولم نضع نوعاً من الأسس العامة لتربية هذا الشباب واحتضانه؛ بل إن أكثر ما عندنا من توجيه للشباب هو: لوم هؤلاء الشباب، فإن تحدثنا عن الشباب فباللوم، فالشباب المنحرف يلام من الدعاة ومن الشباب المستقيمين؛ ومن الوعاظ، والخطباء، ومن رجال الأمن، ومن كل من يهمه صلاح المجتمع، ومن كل من يصطلي بنار الفساد والانحراف الذي يأتي من قبل هؤلاء الشباب، فنجد اللوم الشديد لهم، وهذا الكلام هو بالنسبة إلى الشباب المنحرف، وأما الشباب المستقيم، فإنه يذم ويطعن فيه، ويتهم بالتهم التي لا تخفى على أمثالكم.
إذاً فعماد الأمة، وقوام وجودها، وأساس نهضتها -بإذن الله تبارك وتعالى- هم الشباب المستقيم، فكيف توجه إليهم التهم من كل مكان؟! فإن تعرض متعرض أو متحدث لواقع الشباب، فأول ما ينصرف إلى أن الشباب لا يقدرون المسئولية، والشباب لا يقوم بواجباته، ويعزف عن الأعمال الضرورية للأمة والمجتمع إلى أعمال أخرى، ويضيع أوقاته ووهكذا؛ لكن أين البديل؟ أين ما خُطِّط له ليكون هذا الشباب كما نريد من الاستقامة؟ وكما يريد الله تبارك وتعالى له؟ نحن نعيش في هذا الوضع الحرج الصعب، وحال شبابنا أشبه ما يكون بقول القائل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء