للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما هي مشكلتنا؟]

والمشكلة في الأساس: هي مشكلتنا مع الله رب العالمين، حيث أننا لم نصطلح مع الله، بل نحاربه! فلذلك غضب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علينا، وأرسل علينا هؤلاء، وهو الذي أرسل على بني إسرائيل الفرس - بختنصر وجيشه- يقول تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:١٤] فالفسق والفجور والطغيان والترف الذي كنا نعيشه، هل يمكن لأي عاقل أو ناظر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصدق أن يستمر هذا الأمر إلى الأبد، مع عدم وجود توبة ولا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر؟ إن هذا لا يمكن، بل سوف نهلك وفينا الصالحون إذا كثر الخبث، كما أخبر عن ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فكان المفروض أننا ننظر إلى كل هذه الأمور من خلال كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن نحمد الله على هذه الأحداث فهي عبرة لنا لكي نتعظ.

وهل تظنون أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -وقد أخبرنا عن نفسه، وعن رحمته بالمؤمنين، وما أعده لهم، وما يبشرهم به- أنه يظلم الكفار أو المؤمنين؟ {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:٤٤] فهل يظلمنا الله وقد دفعنا لـ صدام حسين الملايين والمليارات طوال عشر سنوات، ثم ترتد أموالنا علينا؟ لا والله! لا يظلمنا، لكننا تعلقنا بالأسباب المادية.

فلو أننا كنا مستقيمين على أمر الله، فلا ننفق إلا حيث أمر الله أن ننفق، ولا نمنع إلا من أمر الله أن نمنع، وإذا أنفقنا فللدعوة إلى الله، وفي سبيل الله خالصة لوجهه، فلو فعلنا ذلك -والله- لنصرنا الله ولأذل أمريكا، ولأتى بها راكعة ذليلة، وقد أذلها من هو أضعف شأناً منا، فقد أذلها أمام كوبا وغيرها، فهي المضطرة إلينا.

فإذا اتقينا الله كفانا الله شرها، وبالمثل إذا خفنا من الله أخافها الله منا، وإذا لم نخف من الله أخافنا الله من كل شيء، وأصابنا بالرعب والذل والهوان.

فقضيتنا ومشكلتنا نحن المسلمين هي: موتنا ونحن على ماذا؟ وبماذا نلقاه؟ فكلنا سنموت، أصحاب الكمامات سيموتون، وغيرهم سيموتون، ولو كنا في بروج مشيدة.

فالقضية ليست قضية نظرة مادية، لكن عندنا قضايا أساسية مذكورة في كتاب ربنا، فإذا تبنا وتضرعنا ولجأنا إلى الله؛ فإن الله يسلط على عدونا جنداً من عنده يدفعهم عنا.

وقد دفع عنا شرورهم وهم أعظم ما يكونون ونحن أضعف ما نكون.

واقرءوا التاريخ، فقبل ستين أو سبعين سنة، كانت بريطانيا العظمى لا تغيب الشمس عن مملكتها، وكانت أكثر بطشاً من أمريكا اليوم، وكانت كل شعوب العالم ترهبها، وتخافها، فممن كانت بريطانيا تخاف؟