وحينئذٍ ظهر عبد الله بن سبأ الذي حذر عنه الإمامُ الشعبيُّ رحمه الله مالكَ بنَ مغول كما ذكر ذلك ونقله شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله في أول كتابه منهاج السنة النبوية.
ظهر ذلك الرجل اليهودي الماكر وقد سمى نفسه: عبد الله بن سبأ، والذي أراد أن يهدم دين الإسلام كما هدم بولس دين النصرانية.
مختصر قصة بولس أنه رجل يهودي، كان يعذب النصارى أتباع المسيح عيسى -عليه السلام- تعذيباً شديداً، فلما رأى أن تعذيبهم لا يزيدهم إلا إيماناً!! قال: لا بد من حيلة، فتحايل عليهم بالمكر اليهودي المعروف، وقال: إني كنت ذاهباً إلى دمشق وإذا بصوت يناديني من السماء، ويقول أنا: المسيح، أنا ابن الله، أنا كذا، لماذا تضطهد شعبي، ولماذا تضطهد أهل ملتي؟ ادخل في ديني، فقال: أنا دخلت الآن وأصبحت في دين المسيح، ودخل في دينهم، وأخذ يهدم دينهم من الداخل، فقال: إن المسيح إله، وقال: إنه ابن الله، وأمثال ذلك من الكفر، حتى خرب دين النصارى.
وهكذا عبد الله بن سبأ هو الذي قام بدور بولس في هذا الدين، كما أثبت ذلك الشعبي وبينه من بعده، وأضافوا إليه، ثم -أيضاً- شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية وضحه، والتاريخ واضح في ذلك، عبد الله بن سبأ هذا: تآمر مع غيره؛ فخرجت في آن واحد رءوس الشر، جاءوا من مصر والكوفة واليمن، وجاءوا من عدة جهات إلى المدينة النبوية إلى حيث الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه، وما زلوا يتآمرون عليه -كما هو معلوم في التاريخ- حتى قتلوه رضي الله عنه.