إن البدع هي أعظم المعاصي بعد الشرك بالله تبارك وتعالى، وكفى بها شؤماً، وشراً؛ لأنها ربما أحبطت العمل كله، بل بعضها لا شك أنه يحبط العمل كله، فلا تنفع الإنسان عبادة ولا قراءة ولا ذكر ولا جهاد مع هذه البدع.
كما صح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيحين وغيرهما في صفة الخوارج أنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية} وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وقراءتكم إلى قراءتهم}.
إن المخاطبين بهذا هم الصحابة الكرام، ومع ذلك فإن قراءة الخوارج، وعبادتهم أشد وأكثر من عبادة الصحابة، أي: أن الصحابة يحقرون قراءتهم وصلاتهم وعبادتهم عندما يرون قراءة الخوارج كما ذكر ذلك أبو سعيد.
وكما رأى ذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، لما دخل إلى معسكرهم، ومع ذلك فإنهم يمرقون من الدين، بل لا تتجاوز قراءتهم حناجرهم كما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك بسبب ما ابتدعوه من البدع، وقد جاء -أيضاً- عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:{لا يقبل الله من صاحب بدعة صرفاً ولا عدلاً ولا صياماً ولا صلاة}.
فماذا يريد صاحب البدعة بها، إذا كان الله تبارك وتعالى لا يقبل منه شيئاً، ولا تنفعه مهما كثرت ومهما تعبد واجتهد فيها؟! فكيف يجرؤ مبتدع أن يبتدع، ويرتكب هذا الإثم العظيم في بلد الله الحرام، الذي أمر الله تبارك وتعالى بتعظيمه؟!