الصبر على أذى النفس، وعلى هوى هذه النفس الأمارة بالسوء والتي تقول لك: يا عبد الله.
الناس مرتاحون, الناس لا يعادون خلق الله, الناس يأكلون ويشربون، الناس في وظائف مرفهة منعمة, الناس في أجور عالية, وأنت في هذا المجال، ماذا تقصد، وما فائدتك؟ فهذه سهوة لا بد أن تردها وأن تقمعها, وأن تقول لها: أيتها النفس: اخسئي ولا تتكلمي؛ فإنني أعمل عمل الأنبياء.
وهذا العمل لو لم نتقاض عليه أي أجر فإن رسل الله الكرام قالوا لقومهم -كما ذكر سبحانه-: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:١٦٤] ولكن ما جاء من عند الله فهو خير.
ولاشك عند من يُقَدر حال الدعوة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ أن أولى ما ينفق عليه ومن أحق الناس بالعطاء الجزيل هم رجال الحسبة؛ لكن إذا لم يحصل ذلك فهنا لا بد من الصبر.
والصبر يكون كذلك مع الأهل: لأن بعض الناس قد يصبر وقد يقاوم نفسه، ولكنه قد ينهزم أمام أهله -الزوجة أو الزوجات أو الأبناء- الذين يقولون: لقد أضعتنا، فالليل في دوريات، والنهار في دوامين، لم لا تفعل كذا أو تأتي بكذا؟ إذاً: نحن ماذا؟ دعك من هذا العمل، اترك هذا العمل، أرحنا منه، وافتح محلاً إلخ.
وهذا من الفتنة والابتلاء، فقد ابتلى الله سبحانه تعالى نوحاً عليه السلام بامرأته وابنه, وابتلى لوطاً بامرأته, وابتلى إبراهيم بأبيه، فلا نستغرب هذا، فقد ابتلي به كل الأنبياء.
فلابد من الصبر على ابتلاء الأهل وعلى ما يقولونه، وكذلك يكون الصبر على الابتلاء الحاصل في العمل نفسه.