نستطيع أن نعمل ما هو أكثر من الدعاء؟! ألسنا نستطيع في كل حي من الأحياء، بل في كل مسجد أن نوجد لجنة أو أكثر من اللجان، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وللخير وللإحسان وللشفقة، ولنتواصى بالمرحمة كما أمر الله تبارك وتعالى، لنحنو على ضعيف أو مسكين، أو إنسان استهوته الشهوات أو الشبهات، فتاه وضل عن الطريق المستقيم، ألا نستطيع؟ ألم يعمل الإخوة الكرام -بارك الله فيهم- لجنة لمكافحة التدخين؟ هل أثمرت أو لم تثمر؟ ما رأيكم؟ أثمرت نجاحاً عظيماً جداً، كم من صاحب محل الآن يكتب نحن لا نبيع الدخان، عندما تجلس معه يقول: الله يجزيهم خير! الحمد لله، أنا أصلي وأصوم وأحب الخير، وإذا رأيت الإنسان من بعيد لا يدخن، حمدت الله، وإذا رأيته يدخن استعذت بالله منه، وابتعد عن طريقه، وهو الذي كان بالأمس إذا رأى المدخن استبشر، وكان إذا قلت له: لا تبيع الدخان، قال: الزبائن لا يأتون إلا من أجله، لو لم أبعه فلن أعمل، لكن كيف تحول، كيف تغير؟ لما وجدت لجنة ودعوة ونصيحة، انتفع، ولله الحمد.
لجان للفقراء، لجان لمناصحة أصحاب المنكرات في الأحياء، وأنا أطالب الإخوة أن يتركوا الأسماء هذه، لا يهم سموها لجنة أو جمعية، أم لم يسموها شيئاً، لا يهم هذا، المهم يكون منا ثلاثة أو أربعة أنفار يذهبون ويمرون على صاحب المحل: ماذا تبيع؟ يقول: عندي أغاني، يقال له: يا أخي الكريم! اتق الله، يقول لك: عندي تصريح، قل له: ما أتيت أخاطبك للتصريح ولا نحن من موظفي الإعلام، نحن جئنا نقول لك: إن هذا حرام، يفتح الله له نور قلبه، وتستنير بصيرته ويتوب قبل أن يدركه الموت، وهو على هذه المعصية.
إنسان آخر يتهاون بصلاة الجماعة، فهل الذي يعد نفسه آمراً بالمعروف، يخبر الهيئة ليوقفوه؟! ليست مهمة الهيئة أن يأتوا ليأخذوه، اذهب أنت في ثلاثة نفر، وقل له موعظة يخشع لله، ويرق قلبه، ثم يأتي معك إلى المسجد، فتكون قد كسبته إلى الخير، وبعد ذلك تكسب به من وراءه إن شاء الله.
وهكذا إذا كان معك في كل حي أو في كل مسجد أو جماعة أو قبيلة أو مجلس تجلسه فيه شيء من هذا التعاون والتواصل، بدلاً من أن تضيع الأوقات أو يتشتت المجتمع، إما أن نضيع أوقاتنا في لهو ولعب وغيبة ونميمة، وإما نتشتت فلا يلتقي منا اثنان كل مشغول في دينه، والخير في هذه الأمة مهمل ومنسي.