للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف الغرب من الجزائر وغيرها]

أما موقف الغرب، فالغرب دائماً له معياران، وله مكيالان: معيار للإسلام، ومعيار لغيره، ولذلك الآن وفي هذه الأحداث بالذات وفي هذه الأيام، فهناك مثلان حادثان، ومشكلتان في بلدين ليس بينهما إلا البحر، وهما متقاربان تقريباً، وهما يوغسلافيا والجزائر.

فانظروا إلى الحكم بمعيارين كيف يكون؟ ففي يوغسلافيا يقول الغرب: على الجيش أن يرجع إلى الثكنات، والناس هم الذين يختارون ما يريدون، أما في الجزائر: فليسمح للجيش أن يضرب الناس، وليفعل ما يشاء، ليفرض القانون.

فالموقف معكوس تماماً، لماذا؟ لأن هؤلاء -في يوغسلافيا - نصارى، والديمقراطية تصلح لهم، ولا بد أن يدعوا إلى الديمقراطية.

ومثل آخر: الصين وقفت أمريكا ضدها، حتى كاد الوفاق الذين بينهما أن ينفصل، وذلك لما ثار الطلبة، وطالبوا بالديمقراطية، فقالت أمريكا: من حق الشعوب أن تطالب بـ الديمقراطية، وإن وقوف الجيش والشرطة الصينية أمام المطالبة بالديمقراطية جريمة عظيمة، فحدثت بذلك فتنة كبيرة، حتى إن أمريكا منحت الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة الأمريكية، والمبتعثين للدراسة لديها إقامة دائمة، وذلك تمهيداً لمنحهم الجنسية الأمريكية، وعددهم أربعون ألف طالب، دفعة واحدة، وذلك تأييداً لهم لمطالبتهم بـ الديمقراطية، وعندما جاءت جبهة إسلامية، وقالت: نريد أن يبقى نظام الانتخاب كما هو، ويعمل بإجراءاته في موعدها، لأننا نريد أن ندخل فيها.

قال الاشتراكيون: لا، غيروا النظام.

فقالت الجبهة الإسلامية: إذاً أيها الناس: يا من ستنتخبون! من تنتخبون؟ ودعوا إلى الاعتصام والإضراب، لأن القانون قد تغير -قانون الانتخابات- وطالبوا أتباعهم بعدم استخدام القوة، وكانوا يحذرون كل التحذير أن لا يستخدموا القوة، ولهذا اجتمعوا في المساجد، وفي الميادين، تجنباً لأي شيء.

فواضح أن دعواها سلمية، وأنها تريد تحقيقها مع الذين يزعمون أنها ديمقراطية، فتريد أن ترشح وتصوت، فإن فازت فإنها تريد الإسلام، وإن لم تفز، فإنها تكون قد سلكت سبيلها، واعتذرت إلى الله، فهذا اجتهادها على الأقل، وكذلك فإنها لم تستخدم العنف، ولا القوة أبداً.