[التوفيق بين وجوب قتال الكافرين وعدم إكراههم على الدين]
السؤال
يقول: كيف نوفق بين قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله} وقوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ِ) [البقرة:٢٥٦] والرضى بالجزية من أهل الكتاب وتركهم على دينهم؟
الجواب
لا تعارض بين هذه الأحكام، فالأصل أننا ندعو الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن لم يرضوا بذلك دعوناهم إلى الجزية التي ذكرها الله تعالى بقوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:٢٩].
وأما قول الله تعالى:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[البقرة:٢٥٦] فالمقصود بها القلوب، فلا يمكن أن تكره أحداً على اعتقاد ما لا يريد أن يعتقد بقلبه، وأما أن نجاهدهم فلا، الجهاد حق، وهو ذروة سنام الإسلام، ولا بد منه، وقد جاهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاهد أصحابه، فنحن نجاهد الكفار.
أما الواحد منهم فلا نستطيع أن نكرهه أو أن نحمله على أن يؤمن وقلبه مظلم بالكفر، لا نكرهه أن يعتقد الإسلام وهو لا يريد أن يعتقده، وإنما ندعوه، ونبين له، فإن أصر إلا أن يدفع الجزية قبلنا منه، وأما إن أظهر الإسلام وهو في الباطن كافر، قبلنا منه ذلك ونكل أمره إلى الله -تبارك وتعالى- فلا تعارض بينها في الحقيقة.