للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصحابة والقيام بالحقوق]

كيف عاش عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ هل عاش عمر بن الخطاب لنفسه أو لأهله؟ لا! أمَّا ما بين العبد وربه، فقد قاموا بحق الله -تبارك وتعالى- خير قيام.

وحسبهم أن يثني الله -تبارك وتعالى- عليهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:١٠٠]، وغير ذلك من الثناء: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:٢٩] وهكذا أثنى الله تعالى عليهم، وزكَّاهم فيما بينهم وبينه، وما بينهم وبين غيرهم من الناس، لذلك نقول: عبادتهم لله قمة لم نصل إليها، لكن كيف كانوا في معاملتهم لعامة الخلق؟! كيف كان عمر رضي الله عنه مع الأرملة؟! كيف كان مع العجوز؟! كيف كان مع الذمي الذي يراه هرماً كبيراً؟ فيقول: [[ما أنصفناك أخذنا منك الجزية شاباً وتركناك كهلاً]] فيصرف له من بيت المال ما يكفيه! وحتى العلماء والصالحون كان تعاملهم بالبر، وكان الواحد منهم مع شدة حاجته وما يعتريه من العوز، يتصدق بالصدقة يعطيها أخاه، فيأخذها الأخ فيعطيها أخاه، فيأخذها الآخر فيعطيها أخاه، فلا يدري الأول إلا وقد رجعت إليه، ومن كثرة تعاونهم حققوا قول الله تبارك وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢].

حققوا معنى الأخوة الإيمانية، وكما كانت بعثته صلوات الله وسلامه عليه، ودينه رحمة للعالمين، كانت حياتهم وأخلاقهم وتعاملهم رحمة للعالمين!