العاطفة -أحياناً- في قول الحق والدعوة إليه والجهر به، ولا شك أنه يجب علينا أن نقول الحق وأن نصدع به، وأن نجهر به، فالأصل في ديننا ذلك، لكن كيف؟ ومتى؟ ليس الأمر هكذا مطلقاً، فالشباب أحياناً ينسى إلا أنه يجب أن نصدع بالحق، وأن نقول كلمة الحق ولا نبالي، أو أن نعمل للحق وبالحق ولا نبالي، فتكون النتيجة كما ذكرنا في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الاستعجال لأنهما متلازمتان، تكون النتيجة أن الحق -هذا الذي أردنا أن يقوم فقط- قد ضيعنا من أجله فرصاً كثيرة على الدعوة، كان يمكن بالأناة وبالحكمة أن تؤدي إلى الخير، وإلى الثمرة الطيبة.
وكثيراً ما نضع الأمور في غير موضعها، فنضع القوة في غير موضعها، فنريد أن نجاهد في سبيل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومن مِن المسلمين لا يحب الجهاد؟ لكن هذه العاطفة جاشت وفاضت حتى أصبحت لا تجد صغيراً ولا كبيراً إلا وتريد أن تحمله على رأيك في هذه المسألة، وهنا تلعب العواطف دوراً رهيباً في إيجاد مفاسد كثيرة، وقد عاناها الكثير وتحدثوا عنها، وهناك أيضاً القوة في مسألة مواجهة المنكرات أو الانحرافات، وقول الحق، وهو أنك تقول أمام صاحب الباطل: أنت كذا، وأنت كذا، وهذه مواقف دعوية لكن ممن؟ هنا نقف، أي إنسان يقف هذا الموقف؟! فرق بين أن يقف عالم له كلمته، وله قيمته، وله وزنه، ويقوم لأي ظالم أو جبار أو بطاش أو منحرف أو مبتدع ممن له عند الناس شأن، ثم يقول له: أنت كذا، وبين أن تأتي -أنت المسكين- بعاطفة وانفعال وتقف ذلك الموقف، الأمر ليس كذلك! وبعض الأمور قد لا أمثل لها مع كثرتها؛ لأن التمثيل قد يفهم خطأ، ولأنكم تعيشون هذه القضايا جميعاً، إنما نقول: هي عبارة عن وجهة نظر في تلك المسائل والقضايا.
أقول: يجب أن نتدارك أمورنا وأن نعيد النظر، وأن نحاسب أنفسنا في منهجنا، وفي تصرفاتنا، فأنظر هل أنا أتصرف تصرفاً منضبطاً متزناً بالفعل، أم أنها العاطفة وحدها هي التي تسيرني؟ هذه هي القضية.
وكل ما ذكرت فهو مجملات أو أمثلة مبسطة، أرجو أن أكون وفقت في تقريبها إلى أذهانكم.