للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المكاره في الدعوة]

السؤال

ما توجيهكم ونصيحتكم لرجال الهيئة الذين تواجههم مشاكل مع رجال الشرطة؟

الجواب

أصل المشكلة هي أننا نريد عملاً بلا سلبيات أو أخطاء وهذا مستحيل، لا يمكن أن يوجد عمل إلا وفيه أخطاء، بل نقول: لا دعوة ولا عمل إلا بما تكره النفس، وأصل القضية أن أحد العسكر ذهب وتشاجر مع صاحب محل؛ لأنه قال له: صل، فقالوا: إذاً هذا يسبب مشاكل، فإن العسكري ليس له دخل، بل يكون فقط مع العضو ولا يقول للناس صلوا، وهذا ليس بحل، بل إن كان الخطأ من هذا العسكري وتكلم بكلام لا يليق، أو أساء عوقب وحده، ويستمر الباقون في الدعوة، وإن كان الخطأ من صاحب الدكان أو التاجر حوسب وقيل له: أنت تستحق أكثر لأنك رفعت صوتك على إنسان وهو يأمرك بالمعروف وينهاك عن المنكر وذلك عمله الرسمي، لكن للأسف بناءاً علىقضية مثل هذه نقفل الباب كله! وبعد هذا فإن الناس لن يقروا شيئاً من الخير! إذا واحد علم أنك ستداهم مصنع الخمر؛ فهل تتوقع أن يقال لك: تفضل، هذه القوارير، وهذه البراميل؟ إن هذا لا يمكن أن يكون ولا بد من التعرض لشيء من الابتلاء، فإذا قلنا: ما دام يحدث بعض المكاره فلا ننهى عن المنكر، وهكذا كل منكر لا بد أن نتعرض في إزالته لبعض المكاره، فإذا تركنا المنكر لأجل ذلك انتشر الفساد، والمسألة من الناحية الشرعية واضحة جداً فإن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ويراعى مقادر المصلحة والمفسدة، فنعمل على تحقيق المصلحة العظمى ودرء المفسدة الكبرى وأما الصغرى فتلقى كأن لا وجود لها، أما إذا أردنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسير إلا على مصلحة (١٠٠%) ولا يوجد مفسدة متوقعة فلن نعمل شيئاً.

وهناك شيء أهم من ذلك، وهو: أنه يجب التنسيق مع عضو الهيئة، فإنه يسيء إلى الهيئة ويسيء إلى عملها وسمعتها ويكون هو نفسه متضايقاً من الأمر بالمعروف، هو نفسه لا تهمه الصلاة، بل لا يهمهم أن يمشي معك ليدعو الناس إلى الصلاة، ثم بعد هذا كيف يؤمن على امرأة إذا وقفت عنده أو صبي أو مال؟ نعم يمكن أن يقولوا: هذا يحدث في الشرطة والمجرم مجرم في أي مكان، والذي لا يخاف الله فهو كذلك في أي مكان؛ لكن الهيئة سمعتها غير سمعة بقية الأجهزة، بل لو وقعت بعض المشاكل في الشرطة فلا أحد يعرف عنها شيئاً ولا أحد يلومها على ذلك، أما الهيئة فالنقطة البسيطة تملئ الآفاق.

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.