توحيد الله عز وجل هو أهم من كل أمر، فعندما أقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فمعناه أن أوحد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كل أمر، وأن أستمع إلى أي أمر يأمر به الله، كما قال بعض السلف:[[إذا سمعت: يا أيها الذين آمنوا؛ فأرع لها أذنك]]، لأن هذا الخطاب من الله عز وجل، ويجب أن تعبده وتطيعه وحده، فإن الأمر الذي سيأتيك بعد ذلك يجب أن تنفذه.
فلو أن أحداً أخلَّ ببعض أنواع التوحيد، فإنه بلا شك قد أخلَّ بالتوحيد، مما قد يخرجه من الإسلام نهائياً؛ كمن يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو أمثال ذلك، وحتى في الطاعات فمن يقصر في بعض الطاعات لا شك أن إيمانه ينقص، والذي يعترض على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في بعض التشريعات، فإنه كمن يعترض على شرع الله عز وجل كله، وهذه من الأشياء التي تخفى على كثير من الناس، فيجب أن توضح ويجب أن نعرف حقيقتها.
كثير من الناس يحب الإسلام والتوحيد والدين، ويحافظ على بعض الأمور كالصلاة، أو الصيام، أو الحج، أو الصدقة، وما أشبه ذلك، لكنه لا يريد ولا يطيق أن يسمع من يقول له: اتق الله! ودع الربا -مثلاً- لأنه يتعامل بالربا فهو يحب كل ما أنزل الله إلا الربا، لا يريد الناس أن تتحدث عنه، بعض الناس يحب ما أنزل الله من صلاة، وصيام، وزكاة، يوحد الله في ذلك، لكن لا يطيق أن تحدثه عن الحجاب، أنه لا يجوز له أن يخرج امرأته متبرجة، أو لا يراها فقط إلا المحارم ممن ذكر الله، هذا صعب فهو يكره هذا الجانب.
وهكذا لو أن كل مسلم فتش في نفسه، لوجد أنه رغم ادعائه للتوحيد لكن الانقياد والاستسلام لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على الحقيقة فيه خلل، قد يكبر، وقد يصغر؛ لكن هذا الخلل موجود عند أكثر المسلمين، ولا يحتاج دليل في ذلك، فانظروا إلى حال المسلمين اليوم، إن كان حالنا اليوم في عزة ومنعة وقوة، فإننا محققون للتوحيد، وإن كنا في ذل وانحطاط وتفرق، فاعلموا أننا لم نحقق توحيد الله تبارك وتعالى.
فبقدر ما نحقق التوحيد يكون الانتصار بإذن الله عز وجل، وبقدر ما يكون عندنا من الشرك والبدع والمنكرات والمعاصي التي تبعد الإيمان نهائياً، بقدر ما يكون حالنا من الفتور والانحطاط.