[حقيقة التوحيد]
أول ما يبدأ به الداعية هو توحيد الله تبارك وتعالى, ولا يقل قائل: إن التوحيد متحقق وموجود, لأن الذي يقول ذلك, لا يفهم من توحيد الله وعبادته، إلا أنه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله, ولو أن الله تبارك وتعالى بعث الرسل ليقولوا للناس: قولوا: لا إله إلا الله, مجرد قول باللسان بلا حقيقة ولا معنى, ولا شروط, ولا اجتناب نواقض, لقالتها الأمم, وما كانت هذه المعارك مستمرة التي ترتب عليها -كما تقرءون في كتاب الله- الهلاك والدمار لكل من خالف ذلك, والفوز والنجاة لمن وحِّد الله, وأطاع الرسل واتبعهم.
فهذه قضية عظيمة, ولو أن الأمر أمر نطق فقط لما كان هذا الجهد العظيم, ولما كانت هذه التضحيات الكبيرة, النهايات العظيمة المفزعة المروعة، ولكنه لتحقيق أن يوحدوا الله, وأن يعبدوا الله, وأن يشهدوا أن لا إله إلا الله.
ومعنى ذلك: أن يُطيعوه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وأن يقفوا عند حدوده, ويتبعوا أوامره, ويجتنبوا نواهيه, ويتقربوا له عز وجل بكل عمل من أعمال القلوب, بالصدق والإنابة والرغبة والرهبة والرجاء والاستعانة والاستعاذة, ولا يتبعون غير نبيه، ولا يتحاكمون إلى غير شرعه, ولا يتبعون عادات ولا تقاليد, ولا ما كان عليه الآباء والأجداد, ولا قوانين, ولا بدع, ولا مناهج, إلا ما شرع الله, وما أنزله الله تبارك وتعالى.
ففي كل أمر مما يقربهم من الله يسألون: ماذا قال الله فيه؟ وما أنزل الله فيه من الوحي قرآناً أو سنة.