ثم يقول رحمه الله: ' إن كثيراً من الكلام الذي قيل لا حقيقة له، وإنما هو من التوهمات التي زينها الشيطان لأصحابها وأغراهم بها' وقد أنطق الله بعضهم، وقالوا: هذه أوهام، فأهل البدع يزرعون بيننا الأوهام، ليفرقوا بيننا؛ لكن بعد فترة رجع إلى هذه الأوهام والخيالات، فمثلاً: وهم الحزبية، وأن هناك حزب وهمي يسيطر ويدير كثيراً من الناس ومنهم: حسن الترابي وراشد الغنوشي وجبهة الإنقاذ إلخ، هذه خيالات الغربيين، فقد وضعوا فيلماً عن أحداث آخر الزمان من نبوءاتهم وأوهامهم الباطلة.
وهذا الوهم ركَّبه بعضهم، وصارت كلمة يقولونها: الإخوان، ونحن بيننا هنا إخوة سودانيون، سلوهم هل حسن الترابي فعلاً ينتمي إلى منهج حسن البنا وسيد قطب والإخوان أم أنه مخالف له؟ بل لقد خرج بمدرسة مستقلة.
سلوا الإخوة الجزائريين: هل عباس مدني من الإخوان أو من مدرسته؟ إن الإخوان لهم حزب مستقل تماماً بـ الجزائر عن جبهة الإنقاذ.
ثم قالوا: وهؤلاء الإخوان تعانوا مع صدام، وقالوا: والذين هنا تحفظوا على وجود القوات الأمريكية الأجنبية، إذاً هم صداميون وإخوان! انظروا الوهم، كيف يكون! فقد جعلوا كل حادثة تبع.
فعندما جاءت حادثة كنر، وقالوا: وراءها الإخوان -ونحن والله مع أهل السنة وسننصرهم بإذن الله تعالى- لم يتفهموا الموضوع، ولم يسمعوا تفاصيله، بل قالوا في البيان: لقد لبس الإخوان على الشيخ، وضحكوا عليه.
ووهم آخر توهموه، وهو قولهم: إن هؤلاء يعادون العلماء، ونحن -والحمد لله- نحضر كل رابع أسبوع اجتماعاً مع سماحة الشيخ، وهذا من بعد الأزمة، وهذا غير اللقاءات الأخرى التي تقع أحياناً بعد أسبوعين أو أقل من ذلك، وغير الاتصالات والمراسلات والمشاورات في أمور الدعوة، وغير ما نرفع به إلى سماحة الشيخ: محمد بن عثيمين ويعلم الجميع حبنا له، وفرحنا بمجيئه، وكلامه فينا ثناءً ومدحاً والحمد لله، أما إذا خالفت عالماً في فتوى فإنه لن يغضب.
وهو معنى كلام الشيخ عبد العزيز بن باز: 'ما يسوغ فيه الاجتهاد لا يؤاخذ' فالأمر ليس فيه أي شيء، خاصة إذا لم يسم، فإذا قيل -مثلاً- بعض العلماء قال كذا، ولكن بعض العلماء ما قال هذا، فهل يعني هذا المعاداة والطعن والتجريح للعلماء؟! بل نحن -والحمد لله- معهم، ونحن أبناؤهم وطلابهم، حتى أن من الأقوال التي يقولون أني قلتها: ما كان فينا من خير فهو من فضلهم وتربيتهم، حتى هذا القول جعلوه ضمن ما يقال أنه عداوة للعلماء، ويؤولون ويقلبون الحقائق والعبارات، وهذا من الافتراء وسوء الظن.
ولذلك يقول الشيخ: 'والمؤمن ينبغي أن يحمل كلام أخيه المسلم على أحسن المحامل' وقد قال بعض السلف: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً، وأنت تجد لها في الخير محملاً، حتى لو قال: هذا الحديث لا أعمل به؛ فظن به الخير، وقل: لعله عارضه عنده حديث آخر، أو آية، أو اعتقد أن هذا الحديث منسوخ.
ولا تقل: رد السنة.
ولكن المصيبة، أننا ما وقفنا عند التأويل، وعند المحمل السيئ فقط، بل ضربوا عبارة قطعوها بعبارة أخرى، كما لو قرأ أحدهم مثلاً:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ}[النساء:٤٣] وقطعها، وهكذا هم، فأين كلامنا الأول، ومحاضراتنا الأولى؟ كلها لا تهمهم، وإنما المهم هذه القطعة أو الفقرة، فتعدوا سوء الظن وما نهى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عنه ودعا لاجتنابه؛ إلى التلفيق المتعمد للأكاذيب والأباطيل.