وممن اشتهر عنه جانب الخوف -وهم كثير- رجلان عُرِفَا بذلك أكثر من غيرهما كما قال بعض السلف: 'أكثر الناس بعد الصدر الأول من الصحابة وكبار التابعين خوفاً رجلان هما: عمر بن عبد العزيز وسفيان الثوري كأن النار لم تخلق إلا لهما'.
فمن كان يتأمل ويرى حال عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فإنه سوف يقول:(ما خلقت النار إلا له) فكأنه يشعر أنها ما خلقت إلا له, وحياته فيها الكثير من العجائب! ولذلك فإنّ ابن الجوزي رحمه الله -صاحب صفة الصفوة - لما تكلم عن سير الصالحين والعباد, أفرد الكبار المشاهير بكتب مستقلة, ومن الذين أفردهم ابن الجوزي بتراجم مستقلة- لأنهم كانوا أكثر وأشهر وأعظم من أن يحصرهم ضمن تراجم مع غيرهم عمر بن عبد العزيز، فله كتاب عظيم عنه, وله كتاب عن سفيان الثوري وهو -والله أعلم- مفقود, وما بلغني أنه موجود, وحبذا لو يظهر!! والثالث عن الإمام أحمد بن حنبل.
ومن حكمة الله أن يذكر غير الصحابة -أيضاً- في التحدث عن تلك الفضائل, فلو ذكر الصحابة فقط لقال الناس:"هؤلاء صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن يبلغ ما بلغوا؟ " لكن تأتي هذه النماذج, بعضهم في وقت الشدة ووقت الفتن ووقت البدع, وبعضهم في زمن الحجاج.