الإيمان أو التوحيد، قد يكونان مترادفين، إذا علمنا وعرفنا كيف فسر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإيمان لجبريل عليه السلام، كان هذا آخر عمله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن جبريل عليه السلام أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد عودته من حجة الوداع، ومعلوم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي بعد حجة الوداع بفترة وجيزة، في شهرين وكذا من الأيام.
وفي الحديث {بينما نحن عند الرسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه -جلسة المتعلم أمام الشيخ المعلم- فقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، فقال: صدقت، فقال الصحابة: عجبنا له يسأله ويصدقه، فقال: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، فقال: صدقت إلخ}.
فالتوحيد هو: تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله.
فهذا الحديث جاء فيه أن مسميات مراتب الدين ثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان، فلما علمه قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه:{هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم}.
إذاً ديننا بهذه الثلاثة، بالإيمان وبالإسلام وبالإحسان، ولو تأملنا في هذه المراتب الثلاثة، لوجدنا أن الناس يتفاوتون فيها، ولوجدنا العلاقة بين هذه الأنواع جميعاً، فإن الإنسان الذي يشهد أن لا إله إلا الله، ويصوم ويصلي، لا بد أن يكون مؤمناً بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهذا الإيمان قد يبلغ ببعض الناس إلى أن يصل إلى درجة الإحسان، وهو أن يصبح الإنسان يعبد الله كأنه يراه، فهذا التوحيد على نوعين: توحيد الأعمال الظاهرة، وتوحيد الأعمال الباطنة.