[أهمية توضيح قواعد وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
ونحن في هذا الدرس لا نريد أن نتحدث عن أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ذاته، وعن وجوب ذلك، وعن فرضيته، ولكن الحديث إنما هو عن شيء من القواعد أو الضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد تقولون: وهل يحسن أن نتحدث عن القواعد والضوابط مع قلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ وهل وصل الأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى حد الانتشار والعموم الذي يحتاج إلى أن يوضع له قواعد وضوابط؟ فأقول: الحق أن الأمة ما تزال في غيبوبة عن هذا الأمر إلا من رحم الله تبارك وتعالى، ولكن ذلك لا يعني أن نغفل عن هذه القواعد والضوابط الشرعية، التي يتحقق بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعل من أسباب ذلك وجود توبة وعودة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من قبل الشباب ومن قبل الشيوخ -الذكور والإناث- فأصبحت الأمة الإسلامية على أبواب فجر جديد بإذن الله تبارك وتعالى، وأصبحنا نرى أن ما تعيشه الأمة من واقع مظلم، إنما هو ظلمة ما قبل بزوغ الفجر، وإنما هو مخاض تعقبه ولادة جيل لا تأخذه في الله لومة لائم.
هذا الذي نؤمله ونرجوه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحققه.
ومن أجل هذا الجيل الذي نترقب أن يوجد، ومن أجل هذه القلة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، نريد أن يكون الطريق أمامها واضح المعالم، حتى يكتب لها الأجر كاملاً بإذن الله، وحتى لا تخطأ أو تضل في هذا الأمر، فيكون منكراً آخراً وانحرافاً جديداً يحتاج إلى تصحيح، وإلى أمر بمعروف ونهي عن منكر.
والحق أقول لكم: إن هذه القواعد والضوابط تحتاج إلى أكثر من رأي وأكثر من اجتهاد، لأنها مسائل تتبع في الغالب المصالح التي يتحقق بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمصالح متجددة بحسب العقول، الأزمان، والأحوال، ولهذا ينبغي لنا جميعاً أن نجتهد وأن نفكر، من كان مستطيعاً لذلك ليصل بإذن الله إلى ما يحقق المصالح، وإلى ما يدفع المفاسد في هذا الجانب، ولكن لا يمنع ذلك أن نبدأ بخطوة أو خطوات.
ولعل الله تبارك وتعالى -وهو على كل شيء قدير- أن يبارك في كل الإخوان العاملين في هذا الشأن بأن يتموا ذلك، وأن يستدركوا عليه، فهذا واجبنا جميعاً.