إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإني أشكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي جمعنا برحمته، وأسأله أن ينفعنا -جميعاً- بما نقول وبما نسمع إنه سميع مجيب.
أقول: إنها لمناسبة طيبة وفرصة قيمة، أن نجلس ونلتقي مثل هذا اللقاء، لنتداول المشورة والرأي، ولنتباحث في قضايا كثيرة لا يتناسب المقام أن نتحدث فيها أمام عامة الناس، كما لو كان اللقاء في المسجد -ونِعمَ اللقاء في المسجد- ولكن هذه اللقاءات الخاصة ضرورية للدعوة.
وإنني أرى أن من خير ما تقوم به الجامعات والمعاهد والمؤسسات الدعوية أن تقوم بمثل هذا اللقاء، وأن تجمع المهتمين بأمور الدعوة؛ ليتباحثوا في الأمور المهمة، بحيث تكون اللقاءات منهجية، والموضوعات معدة مرتبة لاستقصاء جوانب كثيرة يعيشها الشباب، وتهم الدعوة، ويشعر الجميع بضرورة معالجتها.
وأنا أومن وأنادي بأن تكون الأمور على هذا المستوى من الأخذ والتلقي والطرح والتداول، كما قال الله تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى:٣٨] وهي آية مكية، ولم يكن الحديث هنالك عن أمور المسلمين العامة، وعن أن الدولة الإسلامية شورية فقط، بل أمرهم شورى بينهم في كل شيء كما في قوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران:١٥٩].
والأمر من أعم الألفاظ في اللغة العربية وهو بمعنى الشأن، وكل ما يطلب المشاورة فيه؛ فالشورى فيه إن لم تكن واجبة فهي بلا ريب خير من الرأي المنفرد.
والحقيقة أننا معشر الدعاة نعيش واقعاً يكاد يكون متنافراً، بمعنى أن كلاً منا يحارب في ميدان ويصرخ في واد، لكن كيف نستفيد من هذه الثمرات؟ وكيف نوظف ونجمع هذه الجهود؟ وكيف يستفيد بعضنا من خبرة بعض؟ وما هو المنهج الصحيح في قول الحق ونشره؟ ثم كيف نحصد ردود الأفعال التي تنشأ عند الناس من قول الحق ومن نشره؟ وهذه كلها تحتاج إلى معالجات وإلى دراسات شاملة، وإني لأحمد الله على مثل هذا الاجتماع لنتحدث في مثل هذا الأمر، ولهذا سأجعل النصيب الأكبر من الوقت لاقتراحاتكم، واستفساراتكم، لأني أعاني فردياً من كثرة ما يرد عليَّ.