نحتاج إلى يقظة علمية، ولا تكفي هذه الصحوة العاطفية التي نشهدها، بل يجب أن تكون يقظة علمية، كما كان العلماء في الماضي، وأن تقاد الأمة بطريق العلماء.
نحتاج إلى وعي مركز وقوي ونشط، ومعرفة بالواقع، ومعرفة الأعداء وغزوهم، وخططهم ومحاولاتهم.
وأن نستبعد دائماً الانفعالات العاطفية، والتحليلات والتفسيرات السطحية أو الساذجة أو القريبة التي قد تكون أحياناً حقناً مخدرة للأمة دون أن نشعر، وأن نعلم أن الزمن يتقارب، والأمم تتقارب، وأن التقارب الذي حصل أو قد يحصل الآن في أوروبا لتوحدها، كان حقيقة مبنياً على تقاربٍ فعلي، وهو أن الرأسمالية تنازلت للعمال كثيراً، وأن الشيوعية أعطت أيضاً الناس ملكية خاصة فتقاربت الأنظمة، ثم تقاربت الأمم بطريق وسائل الاتصال، حتى أصبح العالم كما يسمى قرية إعلامية! ثم توحدت التوحد الصليبي القديم، وبدأت الآن كل أمة في العالم تنبش وتبحث عن ماضيها، وتفتخر برجالها الأولين، فـ الهند تريد أن تظهر، واليابان، وكوريا، وكوبا وغيرها كذلك، كل أمة تريد أن تظهر وتفتخر بماضيها، ونخشى أن تضيع الهوية الإسلامية إن لم يكن لدينا هذه الجدية.
والزمن سريع جداً وما نستطيع أن نعمله اليوم، لا يجوز أن نؤخره إلى غد، ويجب أن تتركز الجهود نحو هذه المقاومة، مقاومة الأعداء الداخليين!! الذين يريدون إبعادنا عن منهج الكتاب والسنة بالبدع والضلالات في الوقت نفسه ولا انفصام بينهما، محاربة بالغزو الفكري بكل أشكاله وألوانه وصوره.
فلابد أن نقاومهم مقاومة إيجابية حقيقية، حتى لو أدى الأمر إلى أن الإنسان المسلم يفكر في السلعة التي يشتريها بريال واحد من الغرباء، يفكر قبل أن يشتريها، لأننا لا بد أن نستغني عن هذا العدو، وما دمنا نعيش على استجدائه ثقافياً، واقتصادياً، وفكرياً، فلا بد أن سيطرته تظل مفروضة علينا، ولا بد أن يأتي يوم ندفع فيه ثمن هذا الترف الكاذب، الذي تعيشه الدول الغنية في العالم الإسلامي، ومرارة الحرمان المفروض على الدول الأخرى الفقيرة، سندفع ثمنه، لأنا أضعنا الفرصة في أن نحاول أن نواجه مواجهة شاملة وعامة، وعلى مستوى تكوّن العقيدة، وتكّون أحكام الله، ويكون منهج السلف الصالح هو الذي يوجهه في كل صغيرة وكبيرة.
إلى هنا أختم حديثي، وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يكتب لي ولكم الأجر إنه سميع مجيب.