نحب أن نوضح أول قضية من قضايا الدعوة, بل من قضايا الإيمان جميعاً التي لا يمكن ولا يصح أن نتجاوزها أبداً, وهي التي ذكرها الله تبارك وتعالى في هذه الآية في قوله:{أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}[يوسف:١٠٨].
فهذه الكلمة ليست كلمة عابرة، وليست جملة عادية، كما نتحدث ونقول في بعض العبارات والجمل التي لا مكان لها، بل إنها هي الأساس, وهي: نقطة البداية في هذا الأمر العظيم, وهي أن تكون الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهاهنا مفترق الطرق بين من يدعو إلى الله, وبين من يدعو إلى غير الله, وإن ظن أو زعم أنه يدعو إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
والدعوة إلى الله معناها: الدعوة إلى توحيد الله تبارك وتعالى الذي أرسل الله عز وجل به جميع الرسل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:٢٥]، وإذا قرأنا في كتاب الله نجد أن كل نبي بعث إلى قومه، قال لهم:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٥٩]، فهذه هي القضية التي تتكرر دائماً, وبعدها تأتي كل قضية أخرى، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:٣٦] هذه هي القضية الأساس.
فإذاً أول ما ندعو إليه, وأول ما نعبد الله تعالى به: هو توحيد الله عز وجل.
والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بعث معاذاً إلى اليمن , ماذا قال له؟ قال:{إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله}، وفي رواية {عبادة الله} وفي رواية: {إلى أن يوحدوا الله} وكلها روايات صحيحة, ومعناها حق وصحيح, فعبادة الله هي: شهادة أن لا إله إلا الله, وهي توحيد الله.