يقول:(فتأمل هذا الأصل حق التأمل، واعتبر به وبتفاصيله، تعرف به أحكم الحاكمين، وأعلم العالمين فيما فرضه على عباده وحرمه عليهم، وتفاوت مراتب الطاعات والمعاصي، فلما كان الشرك بالله منافياً بالذات لهذا المقصود كان أكبر الكبائر على الإطلاق، وحرم الله الجنة على كل مشرك أياً كان، وأباح دمه وماله لأهل التوحيد) هذا الذي رفض وأبى واستكبر أن يكون عبداً لرب العالمين يستحق من العقوبة في الدنيا أن يكون عبداً لمن يعبد رب العالمين، لا ننخدع بمن يقول: الإسلام ليس فيه رق، وأن الرق هذا يتنافى مع الحضارة، أو يقول: لا يعقل أن يوجد في القرن العشرين رق، وأن الإنسان يستعبد الإنسان؟! فيأتي المدافعون المغرورون المهزومون، فيقولون: الإسلام ليس فيه رق أبداً، لأن القرون الأولى أيام الرومان واليونان كانت الحروب بينهم فيها رق وعبودية، فجاء الإسلام على وضع من قبله فأقره، وبعضهم ينكر على استحياء فيتخافتون بها، سبحان الله!! هل في ديننا ما نستحيي منه؟.
هل في ديننا ما نخافت به؟.
هل في ديننا ما نداري الخلق من أجله؟!! فهذا الرق مما شرعه الله سبحانه وتعالى، ومما يدل على فضل التوحيد وأهله، وعلى إهانة الله تبارك وتعالى للشرك وأهله، فلا مكرم لهم، ولا قيمة لهم عند الله سبحانه وتعالى.
حقوق الإنسان التي يعبرون عنها بالميثاق الدولي لحقوق الإنسان، أسطورة الكاذبة، فلم يأت دين بمثل ما جاء به هذا الدين والحمد لله، الله تعالى هو الذي خلق البشر وجعل لهم هذه الحقوق، وأعظم حق للإنسان أن يعبد الله وحده لا شريك له، ولا يعبد شيئاً من دونه، هذا هو أعظم حق؛ لأنه الذي من أجله خلق، ومن أجله قامت السموات والأرض وبه قامت.
أما أن يكون من حقوق الإنسان -كما جاء في الميثاق الدولي لحقوق الإنسان- أن يغير الإنسان دينه كما يشاء، حتى لو كان مسلماً يرتد ولا أحد يملك شيئاً من ذلك ولا يمنعه، فهذا غير مقبول.
أبداً، هذه إضاعة لأعظم وأكبر حق وهو حق الله تبارك وتعالى، فلو كان هذا الميثاق يدعو الناس إلى أن يكونوا جميعاً مسلمين موحدين لله عبيداً له فنعم، هذا هو الحق، ومن ارتد منهم فإنه يقتل إلا أن يعود إلى إيمانه، أما هذه الحقوق فزيف وكذب، وإنما عرفها الغرب بعد الثورة الفرنسية، عرفتها أوروبا لأنها عاشت في ظلام وظلمات لم يخرجها منها أحد، لماذا؟ لأنها لم تدخل في دين الله، ولم تعتنق الإسلام، أما المسلمون فهم في غنىً عن أن يقال: إن لك حرية التنقل، وحرية العمل مكفولة، وحرية العيش الكريم، وحرية صيانة المنازل، هذه بدهيات في ديننا، لا تحتاج إلى أن تقرر ولا أن تقال، فمنذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وهذه الحريات والحقوق مكفولة مضمونة، ومن انتهكها خالف أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأثم في الدنيا والآخرة، فهي لا تحتاج إلى تأكيد، لكن لا ننسى الحق الأعظم، وهو أن هذا الإنسان له الحق والحرية أن يعبد الله تعالى كما يشاء، أي: أن يكون حراً في أن يتدين بدين الله عز وجل، وأن يعبد الله سبحانه وتعالى كما أنزل وكما بعث رسوله صلى الله عليه وسلم دون أن توضع عليه القيود، التي منها: لا تتحجبي أيتها المرأة لا تفعل كذا لا تحج -كما فعلت دول أوروبا الشرقية إلى حدٍ قريب- لا تبنوا المساجد، لا تطالبوا بالاحتكام إلى الكتاب والسنة.
فالحرية في داخل الكتاب والسنة، فهو دين الحرية الحق، الذي يحرر الإنسان من الشهوات ومن عبادة الشيطان، ومن عبادة الأنداد والبشر، والأحبار، والرهبان، والكهان، والأباطرة، وغير ذلك ممن ادعى الألوهية أو الربوبية مع الله سبحانه وتعالى.
فهؤلاء لما تركوا القيام بعبودية الله استحقوا أن يكونوا عبيداً لمن قام بحق العبودية لله وهم المؤمنون، ولذلك انظروا إذا ترك المؤمنون التوحيد سُلط الكافرون عليهم عقوبة لهم أيضاً؛ لأنهم عرفوا الحق وتركوه وتنكبوا طريقه.