ثانياً:{وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}[الكهف:١١٠] أي: فليجعله خالصاً لوجه الله الكريم، وهذا هو شرط الإخلاص، ولهذا قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قول الله تبارك وتعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[هود:٧]، قال: 'أصوبه وأخلصه' والصواب هو الموافقة، والإخلاص: هو الشرط الثاني كما تقدم.
فإذا كان الإخلاص بهذه المثابة فإن أهميته لا تخفى، ولا سيما في أصل الدين، فهو أعظم اشتراطاً منه في الفروع؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول -كما في الحديث القدسي-: {من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فهو للذي أشرك}، وفي روايةٍ:{تركته وشركه} ومعنى ذلك: أن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، وأما غير ذلك فهو غنيٌ عنه تبارك وتعالى.
فإذا لم يقبل الله تعالى من العبد طاعةً من الطاعات إلا أن لديه أصل التوحيد والدين، فإنه يخسر تلك الطاعة ويظل معه الإيمان والتوحيد، أما إذا كان الإخلاص مفقوداً وكان الشرك في أصل الإيمان والدين، فهذا قد خسر الدنيا والآخرة.
ولهذا يقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}[الزمر:٢ - ٣]، هذا الذي يقبله الله تبارك وتعالى من عباده، ولا يقبل منهم غير ذلك.