للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوجه الديني عند النصارى في الأزمات]

السؤال

يقول الأخ: الرجاء التعليق على ما يلي: جاء في التلفزيون الأمريكي في الأسبوع الأول من الأزمة أن بوش ذهب إلى الكنيسة للدعاء في هذه الأزمة، وورد توجيه من كبار رهبان وقسيسي الكنيسة إلى عامة الناس أن يتجهوا ويدعوا في الكنيسة، وهذا الأخ يقول: إنه شاهد بعينه ذلك، ويقول: وكذلك رأيت هنا في الأخبار أن تتشر كانت في الكنيسة ثم عمل لها لقاء صحفي وقالت بشدة: إن صدام ديكتاتور يجب أن نتخلص منه؟

الجواب

لا غرابة في ذلك، فكما ذكرنا أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يستغني أحد عنه، وكل من يريد أن يحقق أملاً أو مأرباً فإنه من الطبيعي أن يلجأ ويتضرع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حتى أيام الحرب العالمية الثانية، كان يُضطر الانجليز وحلفاؤهم من الأمريكان عندما خافوا من هتلر خوفاً شديداً إلى أن يقيموا القداسات -كما يسمونها- على ظهر البوارج -السفن- مع أنهم أصلاً لا يتعبدون ولا يدعون إلا في الكنائس.

وأما نحن فبفضل الله تعالى علينا خصَّ به نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله صلى الله عليه وسلم: {وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً} أما هم فلا يصلون إلا في كنائسهم، ومع ذلك قالوا: نصلي على ظهور البوارج والبواخر ونتضرع وندعوا الله، حتى يكشف عنا عذاب هتلر، ففي هذه الأزمة -أيضاًَ- وقع منهم ذلك ولا يستغرب، بل الغريب الذي يجب منا أن نستغربه حقاً أننا نحن لم نتب ولم نتضرع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فهم غاية ما عندهم من الدين كما يزعمون أن المسيح عليه السلام قال: 'دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله' فهم يرون أن ما لله هذا هو الدعاء أو العبادة أو الذهاب إلى الكنيسة يوم الأحد، والباقي لقيصر، فيظنون أن هذا هو الدين.

أما نحن فنعلم أننا عبيد لله في كل وقت، وفي كل مكان، ولن ننتصر إلا بعبوديتنا لله، ولن نوفق إلا بعبوديتنا لله، ولن نستديم النعم إلا بالعبودية لله، والمساجد مفتوحة في آناء الليل والنهار، ومع ذلك انظروا كم من الناس -حتى لا ننفي نفياً عاماً- من لجأوا إلى المساجد وبدأوا يصلون صلاة الجماعة بعد هذه الأحداث، بعد ألم يكونوا يصلوا من قبل؟! كم من متبرجة كانت تتبرج في الأسواق، فلما جاءت الفتنة تركت التبرج وتابت وبدأت تصلي وتتحجب؟! كم من آكل للربا كان يأكله فلما جاءت هذه الفتنة تاب وأقلع عن أكله؟! كم ما أظن أن ذلك كثير والله أعلم، بل إن وجد فهو قليل، ولو كان كثيراً لدفع الله عنا العذاب، لكن هذه الأمة -إن شاء الله- آخذة في طريق النجاة.

أما الواقع فهو كما ترون: الغفلة هي الغفلة، والتقصير هو التقصير، والمعاصي هي المعاصي، فهذا الغريب فينا نحن، أما هم فلا يذهبون إلى الكنيسة ولا يدعون الله إلا في مثل هذه الحالة، والله تعالى ذكر أن الكفار يدعونه في حال الشدة.