نذكر الآن -إن شاء الله تعالى- بعض النماذج من حياة السلف الصالح الذين غلب عليهم جانب الخوف أولاً، ثم نثني -إن شاء الله- ببعض من غلب عليهم جانب الرجاء.
نذكر أسباب ذلك عند كلا الطرفين، وهي نماذج موجزة ومختصرة, والمقصود منها: هو أن نعلم أن أركان العبادة التي تحدثنا عنها، وهي: المحبة والخوف، والرجاء، -هذه الأركان الثلاثة- قد تغلب إحداها على بعض الناس، وقد تغلب الأخرى على آخرين, لكن لا يمكن ولا يصح أن يخلو الإيمان أو القلب من اجتماع هذه الثلاثة، فكانت حياة السلف الصالح -رضوان الله تعالى عليهم- نموذجاً لاجتماع الخوف والرجاء والمحبة, كما أثنى الله تبارك وتعالى على عباده الصالحين من المرسلين ومن اتبعهم في الآيات التي ذكرها الله، كقوله تبارك وتعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}[الإسراء:٥٧] وقوله تبارك وتعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء:٩٠] ونحو ذلك.
والخوف -عموماً- هو سمة لأهل الإيمان الكُمَّل الخُلَّص من عباد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ففي سيرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم النماذج لذلك، وكذلك في سير الخلفاء الراشدين.