العقيدة النصرانية حُرِّفت وبُدِّلت وغُيِّرت كما أخبر الله تبارك وتعالى وكما يشهد بذلك الواقع، فكثرت الأناجيل بعد رفع المسيح عليه السلام كثرة عجيبة، حتى إنه في نهاية المائة الثانية الميلادية أقرت المجامع الكنسية الأناجيل الأربعة الموجودة والمعروفة الآن، وهي أربعة من ضمن ما يزيد على سبعين إنجيلاً متفاوتة مختلفة، وهي في ذاتها متناقضة ومختلفة في كثير من الأمور بل في أعظم الأمور، كدعوى الألوهية للمسيح ودعوى البنوة وصلبه {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}[النساء:١٥٧] غير أن من أعظم ما وقع فيها من تحريف وهو الذي يهمنا بسبب الحديث عن التنصير أن بولس الذي يدعون أنه بولس الرسول أو شاؤل اليهودي كما كان يسمى، قد بدل دين المسيح وحوله من دين محدود في بني إسرائيل فقط إلى دين عالمي، والله تبارك وتعالى بيَّن في كتابه أن عيسى إنما هو رسول إلى بني إسرائيل {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيل}[آل عمران:٤٩] ولم يبعث الله تعالى قبل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً إلى العالمين كافة، بل هذا من خصائصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما ثبت ذلك في أكثر من حديث وآية، والمقصود أن المسيحية كما تسمى وهي النصرانية أو ما جاء به المسيح عليه السلام من الحق والدين والدعوة إنما كانت محصورة في بني إسرائيل، وبذلك تنطق الأناجيل الموجودة إلى الآن بين أيديهم، فإنها تذكر أن المسيح عليه السلام جاءت إليه امرأة فينيقية أو سورية، وتختلف الأناجيل في قصتها، ولكن المقصود أنها جاءت إليه عليه السلام فرَّدها، وقال: إنما بعثت إلى خراف بني إسرائيل الضالة، أي أنه لم يبعث إلا إلى بني إسرائيل، ومع ذلك فإن بولس قد ذهب إلى عدة بلاد وأرسل الوعاظ في أماكن كثيرة من العالم لنشر هذا الدين، وأهم جزء نُشر فيه هذا الدين وانتشرت فيه عقيدته هو أوروبا، العدو اللدود للإسلام والمسلمين منذ ذلك الحين وإلى قيام الساعة، وهي التي كانت تعرف بالدولة الرومية، أو الامبراطورية الرومانية البيزنطية، كما يعرفونها.