[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عقيدة أهل السنة]
السؤال
أرجو أن يتكرم الشيخ بكلمة توجيه قصيرة في أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن هناك تقصير من الشباب المتمسك بدينه في هذا الأمر.
الجواب
والله أنا لعلي أعرف القضية أكثر من أني أنصح، إذ لا أحد فيكم -والحمد لله- إلا وهو يعلم أهمية هذا الأمر، لكنني أقول حقيقة: وأنا أعترف بها وأنا واحد منكم: أننا أحياناً يكون في ذهننا انفصام بين ما نتعلمه وما ندعو إليه وبين الواقع، الشاب يقرأ ويعلم من الآيات والأحاديث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن في ذهنه شيء آخر مثل أن يطلب العلم؛ فيحرص على طلب العلم، وحضور حلقات الخير والكتب، وفي أثناء مروره وذهابه وإيابه يرى مكان يباع فيه الغناء ولا يأمر ولا يتكلم، ويرى مكاناً يباع فيه أشرطة الفيديو ولا يأمر ولا يتكلم، ويرى من يتخلف عن الصلاة ولا يبالي به، يذكر الله، ومتطهر وذاهب إلى الصلاة -ما شاء الله- في المسجد، ولكن يرى تاركي الصلاة ولا يكاد يكلمهم شيء عجيب! أيصبح علمنا كعلم أحبار اليهود عياذاً بالله؟! لا يمكن لمن يعتقد العقيدة الصحيحة إلا أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مجاهداً في سبيل الله بيده وقلمه ولسانه في كل ميدان بما يستطيع، إذا كان هناك شاب يتعلم العلم الشرعي، ومتمسك بالسنة، ولا ينكر المنكر فليراجع نفسه في عقيدته، لا أقول في سلوكه، لأن من مقتضيات العقيدة الصحيحة اللازمة إنكار المنكر حسب المستطاع، لكن يجب أن ينكر المنكر، والحمد لله نحن بفضل الله في بيئة ومجتمع نستطيع أن ننكر فيه المنكر بوسائل كثيرة ومتعددة ومتنوعة قد تتعدى أحياناً اللسان إلى اليد في مواضع، فمدير المدرسة ينكر المنكر باليد في مدرسته، الأب ينكر المنكر باليد في البيت، والمسئول ينكر المنكر باليد في الشارع، وغير ذلك.
هكذا يجب أن نحيي هذه الشعيرة العظيمة التي من الله بها علينا، وبها كنا خير أمة أخرجت للناس.
فصدق الأخ، وحق له أن يقول: إن في طلبة العلم تقصيراً في هذا الجانب، وترك هذا الأمر وكأنه خاص بالهيئة، والهيئة على ضعفها وقلة إمكانياتها تواجه جبهات طويلة عريضة من كل جهة، ونحن نترك الأمر ونتفرج عليه، ونقول: إننا ندعو سبحان الله! إلى أي شيء تدعو؟ إذا تركت أبواب الشر مفتوحة فمهما دعوت وربيت نفسك فإن التيار قد يجتاحك ويجتاحهم، يجب أن يكون هناك سدود لمنع الشر والفساد، ويجب أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سمة ومنهج عملي يومي لكل مسلم، في الطائرة، في السيارة وأنت راكب مع أناس، في الشارع وأنت ماش، في كل مكان بحسب الإمكان وبحسب الوقت والأحوال.