[واجبنا تجاه هذه القضية]
لا نعني حل هذه المشكلة في ذاتها فهو ما أشرنا إليه حل سهل وواضح، وعادي، ومطلب مشروع جداً، وليس في إمكان أحد كائناً من كان، أن يلومنا عليه وهو المطالبة بحكم الله فيهن، هذا واضح، لكن ليست هذه هي القضية، فالقضية أنه يجب علينا أن نطالب، وأن نسعى إلى استئصال هذا الشر من جذوره، وتجفيف كل منابعه، وتطهير وسائل الإعلام من تلفاز وإذاعة، وصحافة، تطهيراً كاملاً من كل ما حرم الله.
ومن ذلك -أيضاً- تطهير الأسواق، والنوادي، ومراكز التجمع النسائية، وغير النسائية كائنة من كانت، من كل ما حرمه الله، من كل ما يغضب الله، وتطهير المناهج من كل دخن، وتطهير القلوب من أمراض الاعتقاد أو الشبهات، وأمراض الشهوات، والإذعان والانقياد والاستكانه لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
على أية حال نقول: لا بد من عودة صادقة كاملة إلى الله، نزيل كل ما حرَّم الله، فمحلات الفيديو لابد أن تقفل -جميعاً- إلا ما كان منها منضبطاً بشرع الله، وكذلك التسجيلات التي تبيع الغناء المحرم وكل التسجيلات غير الإسلامية لابد أن تقفل جميعاً، وكل شيء خالف شرع الله في حياتنا العامة، وإن لم يكن يتعلق بالنساء خاصة، كالبنوك الربوية تقفل جميعاً، وبدون تردد ولا استثناء.
فكل شيء عصينا الله فيه، فنرجو الله بأن نقفله أو نمنعه، فإن قيل: هذا شيء كبير، وتحول خطير، ونحن لسنا على استعداد أن نغيرها، وأن نتوب هذه التوبة.
فلنقل إذاً: أنكون على استعداد لغضب الله، ومقته وعذابه وتسليط الله تبارك وتعالى العذاب علينا، يقول: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون:٧٦] إن لم نستكن ونتوب ونتضرع؛ فإذاً لا بد أن تنزل العقوبة كما قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:٢٥].
بل يجب أن نحمد الله أن فينا من أنكر، وأنَّ هذا الإنكار الذي يدل على وجود مُصلحين هو الذي يدفع الله تعالى به العذاب، لأنه تعالى ما كان ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون، ولم يقل: صالحون، فوجود المصلحين والمنكرين نعمة عظمى من الله، وقد كنت والله أخاف أن يباغتنا عذابٌ من الله تبارك وتعالى فيسلط علينا هؤلاء الأعداء أو غيرهم، جزاء بما اقترفنا وعصينا، ولأننا لم نظهر توبة صادقة حتى الآن، فلما جاء هذا الإنكار اطمأن قلبي نوعاً ما، وفرحت وقلت: الحمد لله، إن الله لن يهلكنا وفينا هؤلاء المصلحون، هذه نعمة من الله، فالحمد لله.
إذاً سيدفع الله تعالى عنا العذاب، وسيصد الله تعالى أعداءنا من عنده وبأيدينا -أيضاً- بإذن الله، هذه نعمة، فكلما ضاعفنا الإنكار، واستئصلنا شأفة الذنوب والمعاصي، وكلما صدقنا مع الله إنابة وتوبة، وإخلاصاً، وصدقاً، وتضرعاً، فذلك -والله- هو الخير والنجاة والفلاح والسعادة.
وأما غيره فهو الخسارة، والهزيمة، والنكال، والعذاب، والهوان، ولا سيما لهؤلاء الذين توعدهم الله تبارك وتعالى بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:١٩] انظروا! ليس فقط في الآخرة بل في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
لا تقولوا: كيف تأتيهم العقوبة، إن لم نعاقبهم نحن، فإن هناك أبواباً من العقوبات لا نعلمها، سوف يسلطها الله تبارك وتعالى على هؤلاء، فنحن -والحمد لله- مهيئون للتوبة وللإنابة، وإن لم يكن هذا البلد هو المهيأ، وإن لم يكن حملة الإيمان فيه هم الدعاة إلى هذه التهيئة فمن إذاً يكون؟ والحمد لله رب العالمين.