[بين الإعداد والتوكل]
السؤال
ما حكم الاهتمام الزائد بتخزين الأقوات والأرزاق مع إهمال، ما هو أهم من ذلك هل ينافي كمال التوكل؟
الجواب
هذا ينطبق عليه ما ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أننا: ركنا إلى الدنيا وكرهنا الموت، وأخذنا بأذناب البقر، واشتغلنا بالزرع، وتركنا الجهاد، وأصبح همنا في هذه الدنيا: الطعام، والشراب.
فقد كان العربي في الجاهلية يهجي:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
سبحان الله! ما كان يهجى به العربي في الجاهلية ويأنف منه الآن، فنحن الآن نفرح إذا بُشِّرنا بالطعام والشراب، قد كان هذا موجودًا في الجاهلية، لكن الإسلام ليس فيه إلا أن المؤمن يعلم أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأننا أمة جهاد، أمة شهادة.
فهذا العمل من ضعف التوكل على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وعلامةًً على ركوننا إلى هذه الدنيا، ومحبتنا وإيثارنا لها على الجنة.
ولكن هذا لا يعني أن المسلم لا يأخذ بالأسباب في وقتها أو متى جاءت، ولكن الهلع عندما يدب إلى النفوس من قلة الأرزاق أو الغازات الكيماوية أو غيرها يجعلنا نتصرف تصرفات أشبه بالمعتوهين المذعورين، والأمر بعيد، وقد لا يصل إلى هذا الحد -والحمد لله- فسواحلنا ضخمة، موانئنا كبيرة وكثيرة على البحر، ومنافذنا كثيرة وواسعة، بل إن العالم يحتاج أن يبيع لنا.
والذي يجب أن نكون عليه (الإيمان بالله، وأن نعد العدة لكي نجهاد في سبيل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مع أنه لم ينقصنا المال ولم تنقصنا التعبئة العامة.
ففي أي بلد -في العالم- يواجه حالة حرب، فإن من بديهيات العمل العسكري أن التعبئة العامة تكون بجمع (١٠%) من السكان، والعراق لم يُعد (١٠%) -مثلاً- فنحن إذا أعددنا (١٠%) والله لن تقف أمامنا أي قوة؛ فالمال موجود ولسنا نحن فقط حتى الكويت وغيرها؛ لأن الحرب الآن ليست بكثرة البشر أو كثرة العدد أو الدبابات، بل إن المؤمن الصادق والجاد -وإن لم يكن مؤمناً كحال الدول الغربية عليه أن يعد العدة، فبالإمكان وضع حواجز رهيبة جداً، لا يمكن لدبابات صدام أن تتعداها.
نعم! نستطيع فعل ذلك؛ لكن المشكلة ليست في العدد والعدة، ولكنها هل أردنا ذلك، قال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة:٤٦] فنحن في عصرٍ إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب، وهذا سعي العالم، ومن كان جاهلاً فليعلم أنه كلما قيل: ' إن هؤلاء إخواننا، وهؤلاء جيراننا، وهناك معاهدات! دولية بيننا وبينهم' وأمريكا وروسيا لن ترضيا، كله تبختر ساعة العدوان.
إذاً ما الحل؟ الحل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ} [الأنفال:٦٠].
أبداً: لا يستطيع أحد بأن يفكر أن يعتدي عليك إذا علم أن لديك القوة الكافية الرادعة.
ولله الحمد والمنة، الذي أعطانا إمكانيات بشرية ومادية وحدودية، فلو صدقنا مع الله، وأردنا الجهاد، والله إننا لنستطيعه وحدنا وبمفردنا، ولينصرنا الله، ولنفتحن البلاد -أيضاً- ولندخلنها تحت شرع الله، فإن أبينا فإن الله يقول: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:٣٨].