من البدع المشهورة بدعة المولد التي راجت في ديار الإسلام والتي تحتاج إلى تنبيه وتوضيح خطرها، وكلنا يعلم خطر البدعة، وشر البدعة، وشؤم البدعة.
وأول بدعة ابتدعت في الدين، وترسخت في جماعة، وعملت بها فرقة، هي بدعة الحرورية، الخوارج، ومع شدة عبادتهم وكثرة اجتهادهم، التي قال عنها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وقراءتكم إلى قراءتهم}، وفي وقت الصحابة وهم أهل العبادة والفضل، كان أولئك الخوارج أكثر منهم عبادة، وأكثر منهم قراءة، حتى إن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، لما دخل عليهم هو وأبو سعيد الخدري عجبا من شدة عبادتهم واجتهادهم، لما رأيا أن جباههم وركبهم عليها مثل ركب الإبل، من شدة وكثرة السجود، ومع ذلك فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر فيهم من الوعيد الشديد، أنه لو أدركهم لقاتلهم كقتال عاد وثمود.
وقد كان علي ومن معه من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرحين مستبشرين لما أظفرهم الله تبارك وتعالى على الخوارج وقتلوهم، لأنهم أصحاب بدعة مع هذا التعبد الشديد.
وهكذا البدع مهما كان عليه أصحابها من العبادة والتقوى في ظاهر حالهم، أو فيما يعلمون من أمور دينهم، لكنهم يتعمدون هذه البدع، فيكون لها من الشؤم ما يفسد تلك العبادة، والعياذ بالله!