والنوع الثاني: شرك من جعل معه إلهاً آخر، ولم يعطل أسماءه وربوبيته وصفاته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة، فهذا شرك الأنداد، أي: لم يعطلوا أسماءه وصفاته، لكن قرنوا به غيره، مثل شرك النصارى، فهم مثلاً يقولون: الله عظيم جليل قدير سميع بصير، لكن يقول لك: أيضاً هذه الصفات هي للرب يسوع، من الرب (يسوع)؟ قالوا: هذا ابنه، أو (الأقنوم الثاني)، تعالى الله عما يقولون! مثلما نسمع كل يوم في إذاعات أصحاب الأناجيل وفي كتبهم، وفي هذه الدعايات الخبيثة التي تذهل العقول!! ماذا نقول لو أردنا أن نتحدث عن التنصير؟! فذلك شيء لا يكاد العقل يصدقه، فإنه إذا كانت شبكات التلفاز في أمريكا والمشتركون فيها قد يصلون إلى عشرين مليون مشترك، وهذا في قناة تلفزيونية تنصيرية في داخل بلاده، أما الذين يعملون خارج أمريكا في نشاطات التنصير فلا يقل عددهم عن أربعة ملايين، في الولايات المتحدة الأمريكية نظام عام لجميع الموظفين أن أي إنسان يتطوع للعمل في أي شيء إنساني أو خيري أو ديني فإنه يصرف له راتبه كاملاً مدة غيابه.
فأنت في أي إدارة من الإدارات تقدم طلباً: أنا أريد أن أذهب إلى مكان كذا لأقوم بالدعوة، فتذهب، والجهة التي ذهب إليها تثبت أنه حضر، وأنه عمل معنا سنة، ويصرف له كل حقوقه، بل حتى الإقامة لا يؤثر عليها السفر إذا كان مقيماً، ولا يريد أن تنقطع إقامته، ويعتبر كأنه في أمريكا، ولا يؤثر السفر على إقامته لأنه ذهب في عمل خيري، إذاً: لابد أن يتنافس الناس في هذا الخير، وفي نظرهم هذا هو الخير، أربعة ملايين يخرجون، هذا في أمريكا، أما السويد والنرويج فماذا نقول؟ اذهب إلى أفغانستان تجدهم، إلى بنجلادش تجدهم، إلى الحبشة إلى الصومال، إلى أي مكان، أي بلد مسلم بالذات البلدان الإسلامية التي يحدث فيها فيضانات أو زلازل أو فقر، أول ما يحدث هذا الأمر وإذا بهؤلاء في مطاراتهم بمعاهدهم ومراكزهم ومستشفياتهم ينزلون فيها تعال: تنصر ونعطيك كذا انظروا أسوأ أنواع الدعوة إلى المبدأ، يدعون الإنسان حال الاضطرار، كما يفعل الروافض الآن، أيضاً عندهم دعاية خبيثة، ليس هناك إقناع، ما هي العقيدة التي يعرضها عليه فيؤمن بها؟ ليس عنده شيء، لو أتى يشرحها ليس عنده شيء، ولذلك كما ذكر ابن القيم رحمه الله: لو اجتمع عشرة من النصارى، وطلبت من كل واحد منهم أن يشرح عقيدته لاختلفوا على أحد عشر قولاً، يعني: خلافاتهم أكثر من عددهم، النصارى الآن في العالم كله عملوا استبيانات: ماذا تعرف عن الرب؟ لا يوجد شيء، إذاً: لا شيء، ومع ذلك يعملون له كل شيء.
أما الذين عندهم كل الإيمان والخير والهدى فلا يعملون أي شيء إلا ما رحم ربك، وإن قاموا بالدعوة فيقوم بها إما مبتدعة، وإما جهال، لويس فرخان، هذا داعية الإسلام الأكبر في أمريكا ماذا يعتقد فرخان؟ مشرك وثني، يعتقد أن ليزيا محمد هو الله، تعالى الله عما يقول! هذا الذي مات من زمان، وابنه وارث الدين لا يزال، ويأتي هنا على أنه ممثل الإسلام الأكبر في أمريكا، وليس فيه من الإسلام ذرة.
هناك جماعة كبيرة اسمهم أنصار الله قالوا: نحن نؤمن بالأديان الأربعة، يصنعون القرآن والتوراة والزبور والإنجيل، ويضعون هلالاً وصليباً ونجمة، ويقولون: نؤمن بها كلها، وتجدهم في المطارات وفي كل مكان يرون المسلمين أو السعوديين يأتون فيأتي أحدهم ويقول: أنا أخوك في الإسلام، نريد مساعدات لجمعية أنصار الله، أحياناً أكثر الناس يدفع، فتقول له: ماذا تعتقدون؟ يقول لك: كذا وكذا أعوذ بالله! هذا أنتم مسلمون؟ يرون أن هذا هو الإسلام، هذا إن دعا أحد يدعو على بدعة، ولا يدعو إلى التوحيد إلا قلة قليلة جداً.
كم عدد الذين يدعون إلى التوحيد؟ كم مندوب للإفتاء في أمريكا؟ عشرة مثلاً، أعرفهم من قبل أنهم عشرة أو اثنا عشر، ولا أدري هل زادوا أم لا، بلد عدد سكانه مائتان وخمسون مليوناً فيه عشرة أفراد أو اثنا عشر فرداً، وهم متلهفون يريدون ديناً يؤمنون به ولا يجدون شيئاً، وهم يأتون إلى بلد مثل الصومال أو غيرها من الدول المنكوبة بالآلاف بمعداتهم ومنشآتهم وكل شيء، فرق عظيم وهائل بيننا وبينهم في اهتمامنا بديننا وفي دعوتنا.
بلغ من حيرة الأمريكان ومن بحثهم الشديد عن أي دين -كما حدثني بذلك الشيخ الرواي وهو إن شاء الله ثقة، حدثني بهذا في منزلي- قال: رأوا مرة دعاية، مكان دعاية للهندوسية، عبادة الأبقار في أمريكا، فقالوا: نذهب ننظر، فكانوا ذاهبين ينظرون دعوة هؤلاء، وكيف سيدخل الأمريكان في هذا الدين؟ المفروض يدخلون في الإسلام، كيف سيدخلون في دين عبادة البقر وهم أمة متحضرة، ويدخل في دين أمة منحطة كيف سيكون هذا الشيء؟! ولا شك أن النصرانية خير من الهندوسية، ومع ذلك ينتقلون من النصرانية إلى الهندوسية، قال: في مقدمة المدخل عند البوابة كتب للدعاية، وتماثيل وأصنام منصوبة على طريقة الهندوس، يدخل الواحد إلى قاعة كبيرة فسيحة مكيفة مؤثثة، ويستمع لشرح الدعاة حتى يعتنق هذا الدين، الأمريكي من عند الباب يدخل يأخذ كتيباً، ينظر الصنم، يسأل: ما هذا؟ يقولون: هذا نحن نركع وننحني له، يركع عند الباب ويدخل، قبل ما يسمع ما هو الكلام يركع ويستسلم، فارغ ما عنده شيء، من أول الطريق راكع، يريد شيئاً، لكن الذين يدعون إلى الإسلام ليس عندهم شيء للأسف، إن اهتدى تركوه للبدع والضلالات في تلك البلاد، وإن لم يدعوا بطريقة معينة وإنما طريقة فردية فقط، طالب في الجامعة يكلم زميله، حتى يهديه الله، ما عنده لا جهد، ولا وقت، ولا تفريغ، ولا شيء، الله المستعان! وهذا كلام يطول، ولكن التذكير به واجب.