تذكرون محاضرة "مستقبل العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي"، ثم محاضرة "الحروب الصليبية"، من هذا المنطلق كنا نتوقع ونعلم -دون معرفة التفاصيل- أن هذا الوفاق سيؤدي إلى أن الغرب سيتكتل ويتألب ويتكالب علينا، وأنهم سيجتمعون علينا، وأنه سيأتي إلى هذه المنطقة، لكن كيف؟ الله تعالى أعلم! لا ندري، المهم أنه سيأتي.
هل هذه فرصة أتاحها لهم حزب البعث الصليبي نفسه، وقدمها لهم على طبق من ذهب؟ أم أنهم رتبوها بأنفسهم؟ أم رتبوها بعضهم مع بعض؟ أم أنها جاءت فرصة ذهبية؟ لا ندري! لكن المهم أن أمريكا منذ عام (١٩٨٠م) أي عام (١٤٠٠هـ) وهي تعد العدة وتدرب الجيش! أكثر من مائتين وخمسين ألف جندي أمريكي يتدربون في صحراء نيفادا، وهي صحراء في وسط أمريكا قاحلة على أجواء مشابهة لأجواء الصحراء العربية، والمعركة الآن يسمونها درع الصحراء، يتدربون هناك على الإنزال في الخليج! وآخر خبر أذكركم به ما قيل عندما حدث الإنزال في بنما، وذلك -من ضمن التحليلات العسكرية لعملية الإنزال في بنما - قيل فيه: إن من أهدافها الاستراتيجية التمرين والتعود على الإنزال في الخليج! وهذه العملية ما بيننا وبينها إلا بضعة أشهر، أي: أن الأمر مبيت عندهم ووارد، وهذه فرصة قدمها لهم أعداء الإسلام.
جاءت فجاءوا من كل حدبٍ وصوب، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الذي لا ينطق عن الهوى:{تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها} من كل أفق، من كل المناطق، جاءوا إلينا بحجة أنهم يحموننا! ولابد أن تعملوا أنه مما نشر من المائتين وخمسين ألفاً ما لا يقل عن ثلاثين ألف امرأة برتبة ضابط ونقيب ورقيب.
هؤلاء جاءوا بنسائهم ليحموا أبناء خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعمر، وأبناء الأبطال الذين فتحوا فارس والروم بعدد أقل من عددهم اليوم، وبعدة أقل من عدتهم اليوم! ولو كنا كما أمر الله متقين له وقائمين على أمره عز وجل، لفتحنا البلاد بما عندنا من عدد، وبما عندنا من قوة، فما كلفنا الله ما لا نطيق، كما قال:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:٦٠] فقال: (ما استطعتم) فإذا كنا لا نقدر إلا على هذا، فقد أعذرنا إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.