الواجب علينا ألا نشتغل عن التقوى والصبر بالحديث عن كيد العدو وتتبعه.
لا تشتغل بعدوك وتحمل هم عدوك أكثر مما تحمل هم السلاح الذي تتقي به عدوك، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن كيفية المعالجة من الحسد ومن العين وما أشبه ذلك: 'من أعظم ما يُعالَجُ به ذلك توحيدُ الله عز وجل، وأن تحفظ الله وأن تراقب الله وأن تحفظ جوارحك عن معصية الله، وهذا إذا اشتغلت به كفاك الله تبارك وتعالى كل مؤذٍ وكل شرير وكل حاسد وكل كائد، ولكن إذا اشتغلت بكيد الأعداء وانقطعت عن الصبر وعن اليقين لم ينفعك اشتغالك إلا هماً وغماً'.
وهذا ينطبق على واقعنا الآن؛ فمن يشتغل بخطط الأعداء وكيدهم ومكرهم دون أن يكون له زاد من الصبر واليقين، فإما أن يقنط، وإما أن يجزع، وإما أن يهتم ويغتم ولا نتيجة ولا فائدة، لكن يجب علينا التحلي بالصبر واليقين والتقوى مع معرفة كيدهم ومكرهم، مع أنه لا يشترط أن يعرف مكرهم وكيدهم كل أحد، لكن ينبغي ألا يضيع في الأمة؛ لأنه فرض كفاية.
أما الأساس الذي يجب أن يكون لدى كل واحد في هذه الأمة فهو الصبر والتقوى التي ندفع بهما بإذن الله تبارك وتعالى هذا الكيد وهذا المكر.
ولذلك لا يبالي المؤمن بأذى الخلق؛ فهم لو اجتمعوا على النفع أو على الضر، لم يضروك ولم ينفعوك بشيء من عند أنفسهم استقلالاً، فإن نفعوك بشيء فقد كتبه الله لك قبل أن تُخلق، بل قبل أن يُخلق هذا الكون بخمسين ألف سنة، وإن كان شراً فكذلك.