إنني أرى كثيراً من الناس يصلون ويصومون، ولكنهم مع ذلك لديهم التباس في مسألة القدر، فما السبب في ذلك؟
الجواب
السبب هو أن الشيطان حريص، فإما أن يأتينا بالمعاصي الظاهرة، وإما أن يأتينا بالمعاصي الباطنة -وهذا أشد- ولهذا قال الله تعالى:{وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ}[الأنعام:١٢٠] فالمعاصي الظاهرة هي نتيجة للشهوات، كترك الصلوات أو الزنا أو الخمر أو ما أشبه ذلك -عافنا الله وإياكم منها- لكن المعاصي الباطنة تكون نتيجة الشبهات -في الغالب- فيأتي الشيطان بالشبهة فيفسد على الإنسان دينه، فيضل بالقدر أقوام، وكم كفر من أناس نتيجة القدر! نسأل الله العفو والعافية.
فهذا عمرو بن عبيد كان عابداً زاهداً لا يكاد يملك من الدنيا شيئاً، لكنه كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه:[[لو أنفق مثل أحد ذهباً ولم يؤمن بالقدر لم ينفعه أبداً]].
إذاً هذا هو الذي يريده الشيطان؛ فلقد عجز أن يأتي إلى بعض الناس من باب الشهوات والمعاصي؛ فأتاهم من باب الشكوك، ومن باب فساد الإرادة والإخلاص -عافانا الله وإياكم من ذلك- ولذلك هو حريص إما أن يجعلك لا تعمل، أو أن يجعل عملك فاسداً حابطاً وإن اجتهدت واستكثرت منه؛ ولهذا يجب أن نحذر هذا العدو، فهو عدو لديه تجارب طويلة، ولديه نفس ثابتة تعينه، ولديه -خاصة في هذا العصر- من الوسائل من مكر الليل والنهار والسيطرة على قلوب البشر والغفلة عن ذكر الله، الشيء الكثير جداً؛ حتى أصبحت هذه الشبهات تتلاحق على الناس.
فشبهات في القدر وشبهات في الصفات وفي الإيمان بالله وفي نشأة الكون، وفي سبب وجود الإنسان، وفي نهاية الإنسان، شبهات متلاحقة لا تكاد ترى كتاباً من هذه النوعيات أو مجلة أو فيلماً أو مقالة إلا وفيها شبهة فسبحان الله!! ولولا ثقتنا بنصر الله ووعده والإيمان به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأن الأمة فيها صحوة طيبة، وفيها فئة ثابتة؛ لقلنا انتهى الإسلام من كثرة ما تجد من مكر الليل والنهار بهذه الشبهات.
فقد كان الطفل ينشأ إلى أن يبلغ الحلم لا يسمع شبهة؛ أما الآن فإن الطفل تصب الشبهات في ذهنه صباً -كل يوم تقريباً- ولهذا ننصح بضرورة التربية على الإيمان وعلى العقيدة الصحيحة وعلى العلم الصحيح، ولا يكفي مجرد العواطف أو مجرد الاستثارة.
بل يجب أن نكون على علم ويقين، وإلا فسوف تصبح الشبهات مستعصية، وهذه ما يريده الشيطان، نسأل الله أن يكفينا وإياكم وإخواننا المسلمين من شره.