للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه الآباء للأبناء]

السؤال

بعض الآباء يحضرون إلى المسجد دائماً إلا أنهم لا يحضرون أبناءهم للصلاة، فإذا نصحته قال: لا أستطيع أن أحضره، فهل يعتبر الأب في هذا الحالة آثم؟ وما هو العلاج؟

الجواب

يجب على الإنسان كما أنه يتقي الله ويحرص على الخير لنفسه أن يدعو إليه أبناءه.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦] {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:١٣٢] وكان إسماعيل كما وصفه الله أنه {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} [مريم:٥٥]، هذه من صفات المرضيين عند الله تبارك وتعالى.

نحن نشكو في هذه الأيام من ضعف السلطة الأبوية، ليست فقط مع الأبناء، بل مع الزوجات، يقول: لا استطيع، وإن تكلمنا عن الأبناء قال: لا أستطيع، وإن تحدثنا إلى المدرسين ومدراء المدارس عن الطلاب، قالوا: لا نقدر، فعندنا خلل في تربيتنا، وهو ضعف السلطة عن إيقاع التأديب أو التوجيه، لماذا؟ ما السبب؟ لعلنا نذكره فيستعين الآباء على شيء من تربية أبنائهم.

السبب أن التوجيه ليس موحداً، كما كان في السابق، ففي السابق كان الطفل لا يتلقى التوجيه إلا من الأب، ولهذا على ما كان فينا من الجهل، كان الأبناء يقدرون آباءهم، أما الآن فالتوجيه متعدد، والمناهج متعددة الطرق، الأفلام توجه، وملاعب الكرة توجه، والبشكات والسهرات توجه، وجلساء السوء ينصحون ويوجهون، ويأتي الأب ينصح ويوجه فيضيع توجيهه مع هؤلاء، لأن المصادر تعددت.

وخطيب الجمعة يخطب ويذكرنا بالله ويعظنا خطبة ربع ساعة أو نصف ماذا تعمل مع أفلام ومسلسلات وحلقات ومجلات وصحف وملاعب ومقاهٍ ومجالس سوء، ماذا تصنع هذه مع تلك؟ لا تؤثر، ولذلك أصبحت السلطة ضعيفة، سواء من الأب أو من المربي أو من الزوج؛ لأن هذا سبب من أسبابها، وهو تخلخل في التربية، وتخلخل في التوجيه الاجتماعي مما أدى بنا إلى هذا.

فإذا أردنا أن نستعيد ذلك، فيجب أن نحرص -أولاً- على إعادة توحد السلطة التوجيهية، بمعنى: أن الأب يوجه للخير، والمدرس للخير، وخطيب الجمعة كلهم يوجهون للخير، والمجالس تكون مجالس خير، وأيضاً وسائل الإعلام يجب أن تكون على خير، وإلا فلا ينظر ولا يستمع إلى ما فيها من شر.

فإذا كنا كذلك نجد أن الزوجة تطيع زوجها، والابن يطيع أباه، والأب يحترم أبناءه ويعرف قدرهم، وبهذا أصبحنا في مسار تربوي سليم بإذن الله.