ومن ذلك أيضاً زعمهم -أي: من غلوهم في النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الكون إنما خلق لأجله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ليلة مولده هي أفضل من ليلة القدر، ويزعمون أن روحه تحضر الموالد والمحافل التي يقولونها، فيزعمون أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي باستمرار حياة كاملة، وأنه يحضر الموالد، وأنه يخاطب الأولياء، وأنه يكلمهم.
وكم افتروا على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وعلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمثال هذه الأمور فشرعوا من الدين ما لم يأمر به الله، مثل ما شرع أحمد التيجاني، ومثل المهدي الذي في السودان ممن يفترون على الله الكذب والشاذلي الذي يقول: إن كل طريقة لها شيخ، وأما أنا فشيخي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخذ عنه في اليقظة مباشرة، وأمثال هذا من الغلو الذي يزعمونه.
ولا شك في بطلان ذلك -والحمد لله- لكل ذي بصيرة؛ ولكن العجب!! هو انتشار هذه الطرق، وفتكها لهذه الأمة في غفلة من دعاة الحق، وربما لإقرار أو لتعاون من دعاة الباطل من أصحاب القسم الأول أشباه اليهود الذين يحاربون سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإنهم يغضون النظر عن أمثال هؤلاء ويؤيدونهم، ويشجعونهم، ويعطونهم أعظم المناصب، ويحضرون احتفالاتهم أيضاً؛ لأنهم يعلمون أنها خارجة عن دين الله فهي لا تضرهم، وقد خرجوا هم عن دين الله ولكن من باب آخر، نسأل الله العفو والعافية.