[التوحيد في سورة الفاتحة]
الصلاة على أهميتها التي تعلمونها جميعاً, إنما هي من أجل توحيد الله تبارك وتعالى فهي كلها توحيد: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:١٨]؛ فمن أجل توحيد الله نقف بين يدي ربنا عز وجل, ونقول: الله أكبر، وهذا من توحيد الله, ونقرأ أم الكتاب ركناً في كل ركعة من صلاتنا, وهي في توحيد الله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:٢] نوحد الله توحيد الربوبية.
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:٣] وهذا توحيد الأسماء والصفات.
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:٤] وهذا من الأسماء والصفات ولكنه يتعلق بأمر عظيم, ولا يمكن أن يُوحد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلا به, وهو الإيمان باليوم الآخر وبالوقوف بين يدي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} [الفاتحة:٥] فهذه الآية هي معنى لا إله إلا الله, ففي الشهادة: الحصر، جاء بـ (لا وإلا) , وهنا جاء الحصر بالضمير المفعول المتقدم, أي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة:٥] وكأنك قلت: وحدك لا غيرك يا رب نعبدك.
إذاً: هذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله, فهو الغاية سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وهو المقصود والمعبود وحده.
ومن يعيننا على ذلك؟ وما الوسيلة التي نحقق بها ذلك؟ {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} [الفاتحة:٥] فأيضاً نستعين به وحده على تحقيق توحيده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحده لا شريك له، فله العبادة ومنه العون.
إن أمرنا نأمر بما يرضي الله, ونستعين على ذلك به, وإن دعونا ندعو إلى الله, ونستعين على ذلك به, وإن جاهدنا نجاهد من أجل إعلاء كلمة الله, ومن أجل توحيد الله, ونستعين على ذلك بالله.
إذاً لا بد منهما: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وأيضاً و {َإِيَّاكَ نَسْتَعِين} وهذا هو توحيد الألوهية.
ثم ندعو الله تبارك وتعالى في كل ركعة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:٦ - ٧] فعندما ندعو الله بذلك, فنحن نأتي بنوع آخر من أنواع التوحيد -وإن كان هو جزءً من توحيد الألوهية- وهو أننا نوحد ربنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى باتباع شرعه, وباتباع رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به من الدين, فلا نعبد الله إلا كما عبد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ولا ندعو إلا الله إلا كما دعى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.