فالإيمان بالغيب عندهم يشمل القول والعمل، ويشمل إيمان القلب، وإيمان اللسان وإيمان الجوارح، ومن ثم كان الإيمان بالغيب هو الحقيقة العظمى التي جعلها الله تبارك وتعالى، فوصف بها عباده في أول سورة من القرآن الكريم بعد الفاتحة، قال تعالى:{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة:١ - ٣].
فهذا أول وصف، وما بعد ذلك فهو تبع له؛ فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بالآخرة، والإيمان بكل ما أخبر الله تعالى به في كتابه، أو أخبر به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما لا يعلم إلا من طريق الوحي؛ كل ذلك إنما هو تفصيل لما أجمله في قوله:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة:٣] فأول علامة من علامات المؤمنين، وأول صفة من صفاتهم: أنهم يؤمنون بالغيب، وهذا مفرق الطريق بينهم وبين الكافرين والملحدين والمنحرفين.