ذكر الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد عندما تعرض لمسألة العلماء العزاب الذين ضحوا في سبيل العلم ولم يتزوجوا، أن هذا ليس من سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه، ونحن ديننا دين التكامل، ودين الحنيفية السمحة، ودين الفطرة الذي يلبي كل الرغبات.
فإذا كان المقصود من السؤال أن الإنسان لا يتزوج ويقول: أنا أطلب العلم ولا أتزوج، فنقول: لا.
هذه هي رهبانية النصارى.
أما إذا كان قصده أن يؤخر الزواج حتى يكمل الدراسة أو شيئاً من هذا، فنقول: إن هذه الأمور بحسب الأفراد، بحسب الحالة الشخصية، لكن الأصل والقاعدة في زمن الفتنة، والفساد الذي نعيش فيه، والإغراءات والمثيرات أن الزواج حصن حصين للشباب يجب أن نسعى إليه، ويجب أن ندعو ونحث عليه، ليس عند طلبة العلم فحسب؛ بل عند عامة الناس بما نستطيع، يجب أن نسعى وأن نكوِّن رأياً عاماً؛ ليضغط على الآباء وعلى الأمهات وعلى أولياء الأمور، وعلى المسئولين أن يهتموا بقضية الزواج.
وفي مثل هذه الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم؛ حتى لو كان ليس لديه رغبة قوية في الزواج، أو لو كانت قدرته البدنية على المعاشرة الزوجية فيها شيء من الضعف، فأقول كما قيل عن عمر رضي الله عنه ولا أعلم صحته ولكنها حقيقة، أنه قال:[[إني لأتكاره وأمني نفسي لعل الله أن يخرج مني نسمة تعبد الله عز وجل]].
ونحن الأمة الإسلامية الآن لو عزفنا عن الزواج، فسنصبح أقلية مع هذا الوجود الصليبي الضخم، ونحن أيضاً في هذا البلد بالذات أقلية، فنحن في الحقيقة بحاجة إلى قوة بشرية وهي رأس كله قوة، وأهل السنة بالذات بحاجة إلى أن يتكاثروا.
صحيح أن هذا يكلف أشياء ومسؤوليات لكن نتوكل على الله، والإنسان كما يقال: هو أساس كل شيء، وهو أساس كل مُنتَج، والإنسان إذا كان في شارع يزدحم بالناس فإنه يفتح أكبر مؤسسة، لكن في قرية صغيرة لا يفتح شيئاً، لأن وجود الناس هو الذي يحرك العمل، وكثرة الناس في مكان العمل تساعد على نهوض العمل.
والمقصود أن العوامل التي تحث على الزواج كثيرة والحمد لله، لكن أتأسف وأتألم عندما أجد بعض الإخوة يجعل الأمرين متعارضين: الزواج، وطلب العلم.
أما ما يكون من بعض الشباب حيث جعل الزواج استغراق في المتعة وفي الشهوة، وتمشية الزوجة، وغير ذلك من هذه الأمور، وجعل شهر العسل سنة، فهذه الأمور لا تصح ولا تنبغي، ولكن أعط كل ذي حق حقه، فتزوج ولكن أيضاً قم بطلب العلم، ولا تترك الدعوة إلى الله، ولذلك اختر ذات الدين لأنها لن تعيقك عن الدعوة، بل ستعينك على أمور الدعوة إن شاء الله.