للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تطور الحياة عند الشيوعية]

يقولون: أول مرحلة هي الشيوعية المطلقة "البدائية" فالإنسان -كما يزعمون- في هذه المرحلة بعد أن تطور من مرحلة الحيوان حتى أصبح إنساناً عاش عيشة حيوانية مطلقة، فكانت الشيوعية الأولى وهي الشيوعية المطلقة، فكان الإنسان لا يملك زوجة ولا مالاً ولا شيئاً قط، وإنما يعيش في الغابات هكذا.

المرحلة الثانية: ثم انتقل الإنسان إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة الرق -كما يسمونها- وهي وجود أقلية مسيطرة تسترق وتستعبد بقية الناس، وتسخرهم عبيداً ليحرثوا وليزرعوا لها الأرض.

المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الإقطاع، وفي هذه المرحلة أصبح الملاك الإقطاعيون يملكون المزارع الكبيرة التي قد تضم عدة مزارع أو قرى يملكها الإقطاعي أو الشريف أو النبيل إلخ، بمن فيها من عبيد ورقيق إلى آخر ما لا نستطيع التفصيل فيه.

المرحلة الرابعة: هي مرحلة الرأسمالية، وهي مرحلة ما بعد الثورة الصناعية، واكتشاف الآلة البخارية وأمثالها، حيث تحول الناس -كما يقولون- من العصر الزراعي إلى العصر الصناعي الحديث.

المرحلة الخامسة والأخيرة: بعد مرحلة الرأسمالية، هي مرحلة الشيوعية الأخيرة، فالعالم عندهم يبدأ بـ الشيوعية وينتهي بـ الشيوعية، والشيوعية الأخيرة لابد أن تحكم العالم.

ويهمنا هنا مسألة أساسية وقضية مهمة جداً وهي ما قررته الشيوعية من أن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أمر حتمي، فيسمونه الحتمية، فهو حتمي قسري جبري قهري ليس للإنسان ولا للشعوب أي إرادة فيه، فالتاريخ يمشي بهم هكذا، وسيتحولون رغماً عن أنوفهم، وليس لهم خيار في هذا التحول، وليس لهم خيار في التراجع عنه مطلقاً، وأيضاً سبب التحول من مرحلة إلى مرحلة هو اكتشاف مادي، فعند الشيوعية أن أفكار الناس وعقائدهم وأديانهم وأخلاقهم وفلسفاتهم وآدابهم هي من نتاج الواقع الذي يعيشونه، فإذا تغير الواقع المادي تغيرت الأديان وتغيرت الحياة، والانتقال من مرحلة إلى أخرى هو بسبب مسألة مادية بحتة وليست عقلية ولا ذهنية.

فمثلاً: الانتقال من الشيوعية الأولى إلى الرق سببه اكتشاف الزراعة، ويقول هؤلاء المفترون الكاذبون: إن الإنسان في المراحل الأولى كان همجياً يأكل كل شيء، ثم اكتشف الزراعة لأنه رأى الثمار تسقط ثم تنبت، فلما اكتشف الزراعة انتقل حتمياً وبغير إرادته إلى مرحلة الرق، فالذين استرقوا -المزارعين- هم تلك الطبقة أو الفئة القليلة.

ثم انتقل الناس إلى مرحلة الإقطاع عندما اكتشفت الآلات الزراعية مثل المحراث، فإذاً الآلة هي سبب نقلة التاريخ، فالتاريخ الإنساني كله يتغير لاكتشاف يكتشف، فاكتشف المحراث فتغير مجرى التاريخ وأصبح العالم كله يخضع لنظام الإقطاع.

بعد ذلك اكتشفت الآلات الصناعية؛ فانقلب وجه التاريخ كله أيضاً فتغير وأصبح رأسمالياً.

ثم الشيوعية -المرحلة الأخيرة من الشيوعية - أيضاً حتمية لأنها تطبيقاً لنظرية النقيض.

والرأسمالية تحمل في ذاتها نقيضها، مما هو نقيض الرأسمالية والرأسماليون الصناعيون يستأثرون بالثروة جميعاً، فتكون النتيجة أن العمال يُضطهدون ويُهضمون، وقد كان ذلك واقعاً أن يثوروا على الرأسمالية، فينشأ من الصراع بين العمال وبين الرأسمالية ظهور القوة الثالثة حسب المنطق الجدلي الجالكسيدي -كما يسمونه- فتنتج قوة ثالثة هذه القوة هي الشيوعية الجديدة متمثلة في دولة البرولوتاريا أي: الدولة العمالية.

هذا هو المذهب الشيوعي نظرياً بإيجاز شديد، لكن واقعياً كيف طبق؟؟