المحبة الشرعية لها علاقة بالعبادة من جهة أخرى، وذلك أن التعبد والتأله لا بد أن يجتمع فيه أمران هما: كمال المحبة مع كمال الذل والخضوع، فالعابد الذي يعبد الله تبارك وتعالى لا بد أن يجمع بين هذين الأمرين.
وإذا تجردت المحبة عن الخضوع والذل أصبحت العبادة دعوى لا قيمة لها، وهذا ما أخطأ فيه الصوفية وأمثالهم ممن ادعوا محبة الله ولكنهم لم يأتمروا بأمر الله، ولم يخضعوا لسنة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يحكّموها في أقوالهم، وأعمالهم، وعباداتهم.
وإذا أصبحت العبادة ذلاًَ وتجردت عن المحبة، أصبح العابد يعبد معبوده وهو لا يحبه، فعندها تتحول المحبة إلى بغضٍ وكراهيةٍ، ويصبح العابد هذا مكْرَهاًَ، ففي هذه الحالتين لا يقبل الله تبارك وتعالى هذه العبادة.
فلا بد إذن من اجتماع الأمرين في العبادة: المحبة من جهة، والخضوع والذل من جهة أخرى.
وبهذا نكون قد علمنا ارتباط المحبة بحقيقة الإيمان وارتباطها كذلك بالعبادة وبالتأله لله عز وجل، فإن هذا يقودنا إلى أن المحبة هي أصل كل الأعمال، وهي ركن لا بد منه في كل عبادة.
فمعنى ذلك أن المحبة تدخل في كل عمل من أعمالك التي تعملها، فإن ذكرت الله تبارك وتعالى، أو صليت، أو صمت، أو قرأت القرآن، أو حججت، أو اعتمرت، أو تصدقت، أو أي عمل عملته فلا بد أن يكون ركن المحبة، وعنصر المحبة متوفراً فيه، وهذا هو الفرق بين المؤمن والمنافق.