ثم قال: 'ولا نرى مصلحة في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين من أهل الكفر والنفاق، أو من أهل البدع والضلال' وصدق والله فالمصلحة -والله- لهؤلاء وأضرب لكم مثالاً: اتهام منهاج الجماعات الإسلامية بالابتداع، ويقولون: الإخوان والتبليغ إلخ، ويتكلمون عنهم كثيراً، فكيف سيكون حال الناس إذا ظنوا أن هؤلاء الدعاة مع هذه المناهج -خاصة بعدما استفادوا من علمهم وأشرطتهم ومحاضراتهم بالآلاف- عندما يقال لهم: إن فلاناً وفلاناً ممن يدعون إلى هذه المناهج، لاشك أن الناس سيتبعونهم؛ لأنهم قد أحبوهم وألفوهم، كما أنهم لا يلقون بالاً للتسميات، فإذا علموا أن فلاناً الذي أحبوه ووثقوا به من الجماعة الفلانية، قالوا: نحن معك، وأنا قد جاءتني رسائل تعبر عن إرادة المساعدة، وحب الخدمة، والاستعداد لذلك.
إن التسميات ليست مذمومة لذاتها، فليس في القرآن ذم لكلمة (إخوان، تبليغ) فيقول الناس إذا كان الأمر كذلك وكان القائمون عليها أمثال هؤلاء الرجال، فنحن معهم ومنهم، ولا يهمنا الاسم، وتكون النتيجة عكس ما أراد هؤلاء المصرون.
فإذا كان غرض هؤلاء محاربة الدعاة؛ ويقولون: نحن نحارب أهل البدع، وهؤلاء من أهل البدع، فسيقول الناس: هذه البدع على عيوننا ورءوسنا، وإذا كان أحد من أهل البدع فهو أنتم، وقد يردون بعض الحق الذي يقوله أولئك، وسبب هذا أن الافتراء العظيم يقابله عادةً غلو وتعصب عظيم.
ومثال آخر: تصوروا لو جاء رجل من المعتزلة، وقال: الإمام أحمد بن حنبل منا، فجاء رجل من أهل السنة، وقال: هذا صحيح، ليس الإمام أحمد منا، بل من المعتزلة، فسيقول المعتزلة: أحسنت.
أهديت لنا هدية عظيمة.
إن الروافض إلى الآن يحرصون على أن ينسبوا الصحابة من أهل بدر ونحوهم إليهم، لماذا؟ لأن كل عاقل يعلم أنك عندما تأتي إلى أناس لهم خير وفضل فتنسبهم إليك، فإن هذا أقوى وأفضل، بالنسبة إلى هؤلاء -سبحان الله- الذين انتكست عقولهم، فيأتي ويقول: هؤلاء ليسوا من أهل السنة.
ولهذا أجابهم بعض طلبة العلم وقالوا لهم: حسن، لقد عرفنا الآن من هم أهل البدع، فإذا ذهبت إلى القصيم فلن أحضر لا للشيخ سلمان بن فهد العودة أو من كان على شاكلته، وإذا ذهبت إلى جدة فلن أحضر عند سفر الحوالي ولا إلى من هو مثله، وإذا ذهبت إلى أبها فلن أحضر لا للشيخ عائض القرني ولا إلى من هو مثله، وإذا ذهبت إلى الرياض فلن أحضر لا للشيخ: ناصر العمر ولا إلى من هو مثله؛ لأنهم كلهم أهل بدع، ومجالسهم مجالس بدعية، فمن أهل السنة غير هؤلاء لنحضر لهم في هذه المدن الثلاث؟ والحمد لله، لا تجد أي داعية يحمل غلاً أو ضغينة على الآخر.
فلو ذهبت إلى أبها، فأكثر إنسان أحب أن أراه، الشيخ: عائض القرني، ولو جاء إلى جدة كان كذلك، أو مكة كلنا كذلك والحمد لله، إنها محبة إيمانية، فكل منا يريد بل ويفرح أن يسمع أن الناس يسمعون محاضرات أخيه وأشرطته وكتبه، وكأنه هو الذي كتب، لا فرق عندنا، لأن هذا هو الحق، ولو كان مكتوباً في أقاصي البلاد، لكن أولئك أفسدوا ويظنون أنهم يصلحون.