[كيفية التوفيق بين التصرفات المحكمة وما تمليه العاطفة]
أقول: هذه هي القضية، وهذه هي قضية الشباب، والعاطفة مطلوبة، ولا يمكن أن يقوم دينٌ ولا دعوة إلا بهذه العاطفة، والله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن، الذي فيه الشفاء والموعظة والعبرة، ومع ذلك فإن أقوى الحجج العقلية في كتاب الله تبارك وتعالى تصاغ بأكثر الأساليب إثارةً للعاطفة والوجدان، وهكذا عباداتنا كلها -ولله الحمد- عبادات تنمي في الإنسان جانب التهذيب الأخلاقي، والانضباط، والسلوك العقلي القويم، وفي نفس الوقت تنمي فيه الإيمان والإحساس، والمشاعر الوجدانية الإيمانية، وأيضاً تنمي فيه المعاملة والتعامل، فالكل شيء واحد.
لكن نحن الشباب نحتاج إلى أن نضبط أمورنا لتوافق هذا المنهج الرباني القويم، وإلا فإنه سوف يقع الخلل عندما يطغى أحد الجانبين على الآخر، وكلا الجانبين موجود، إما طغيان عقلي، أو قد يسمى علمي -وأنا أردت وتعمدت أن أقول هو عقلي- أو طغيان عاطفي.
والجانب العقلي هو أن تؤخذ القضايا دائماً بقوالب منطقية جامدة، أن تؤخذ مجردة عن المشاعر، وعن العواطف، فالأخ الذي يربي يربي وهو لا يتنبه لهذه الأمور، والأخ المتلقي يتلقى بعيداً عن هذه الأمور.
وأقول: لم تقم دعوة مجردة على الإطلاق من العاطفة الجياشة القوية، وقد كان في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل في الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم العبرة في ذلك عندما يقوى هذا الجانب، ولكنه وجدانٌُ وعاطفةٌ قويمة مستقيمة.