وهنا نقف على عبر عظيمة يجب أن نستنتجها، ومن أهم ما يجب أن نعلمه من الأحداث الكبيرة؛ ومن القضايا الرئيسية في مشروع البناء الذي نادى به غورباتشوف قال: يجب أن يقدم مؤتمر الأمن الأوروبي من السنة القادمة إلى هذه السنة، ويكون توحد أوروبا -الذي سيكون بعد سنتين- يبتدأ من هذه السنة ويشارك فيه الاتحاد السوفيتي، بمعنى أن أوروبا سوف تكون بعد سنتين دولة واحدة تتكون من عدة ولايات، مجموع سكانها ثلاثمائة وخمسة وعشرين مليوناً، ثم ينضم إليها الاتحاد السوفيتي وسكانه قرابة ثلاثمائة مليون، فيصبح المجموع ستمائة وخمسة وعشرون مليوناً ويصبح لها برلمان موحد وكأنها دولة واحدة، وداخل هذا البرلمان الكبير الأحزاب الاشتراكية هي المسيطرة.
ومن العجائب أنه رغم كل هذه الانهيارات المتتالية في الدول الشيوعية للأحزاب التقليدية إلا أن رؤساء الأحزاب هم في الأصل شيوعيون، والتغيير هذا له ما بعده، ووراءه مؤامرة كبرى، فإذا صار ستمائة وخمسة وعشرون مليوناً تقريباً؛ فإن أمريكا والغرب سيصيرون شيئاً واحداً.
وأعلن الاتحاد السوفيتي قبل شهرين أو ثلاثة شهور -تقريباً- أنه سيسحب جميع قواته من داخل الاتحاد السوفيتي، وعددها أكثر من ستمائة وسبعين ألف، وأعلنت أمريكا أنها سوف تسحب قواتها من أوروبا الغربية وعددها ستمائة ألف، سبحان الله! وماذا يبقى؟ إذا كانت أوروبا والاتحاد السوفيتي تعدادهما ستمائة وخمسة وعشرون مليوناً، وانضم إليها الثلاثمائة مليون أيضاً في أمريكا وكندا، يصبح تعدادهم ألف مليون، أي أن هذه القوة البشرية ستكون أقوى قوة في العالم بشرياً، وأقوى قوة في العالم اقتصادياً، وأقوى قوة في العالم عسكرياً، فهذه لما تصبح قوة واحدة وتتوجه بتوجه واحد، فمن الضحية؟! ولابد أنكم قرأتم أنه من أهم خطوات غورباتشوف في إعادة البناء السماح لليهود السوفييت بالهجرة إلى إسرائيل، وهذا مؤشر وله ما بعده، أيضاً الدول الشرقية الأخرى طولبت جميعاً بنفس العمل -وقد بدأت بعضها- بعمل لجنة تقوم بإعداد هذه العملية، وبدءوا بالسماح لليهود الشرقيين بالهجرة إلى إسرائيل.
يقابل ذلك أن الجهاد الإسلامي في فلسطين المسمى (الانتفاضة) يخسر كل يوم ثلاثمائة ألف حالة إجهاض، والقتلى، والجرحى بالآلاف، وكل يوم يسقط عدد من القتلى، ويعوض إسرائيل أن يتدفق عليها كل يوم مجموعة كبيرة من الروس وغيرهم.
آخر إحصائية نشرت قبل أسابيع تقول: إن عدد اليهود الروس الذين وصلوا في العام الماضي أكثر من ثلاثة وسبعين ألف يهودي، أي أكثر مما يفقده المسلمون في هذا الجهاد، وسيزيد العدد أكثر إذا تحسنت الأحوال أكثر.
ومن أهم شروط أمريكا لإعادة البناء المطالبة بالسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، ويعقب ذلك بلا شك -وهذا أمر متوقع بإذن الله- انهيار للأحزاب الشيوعية في العالم الإسلامي، لكن ماذا ستكون النتيجة إذا انهارت الأوضاع والنظم الموالية للغرب في العالم الإسلامي؟