قال: 'وكذا احتج أبو حنيفة بعموم هذه الآية على أنه يقتل المسلم بالكافر، وعلى قتل الحر بالعبد، فقال: الآية عامة، فإذا قتل مسلم ذمياً أو معاهداً فإن النفس بالنفس، فيقتل المسلم بالكافر، وإسلامه هذا ينفعه عند الله، أما في الدنيا فإنه يقتل هذا بهذا، وقد خالفه الجمهور فيهما -وقتل الحر بالعبد أخف- ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا يقتل مسلم بكافر}.
والقول الصحيح الذي لا يجوز أن يصار إلى غيره هو: أنه لا يقتل مسلم بكافر، هذا مما كتبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما في الصحيفة التي نقلها علي رضي الله عنه عندما سئُل:[[هل خصكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء من العلم؟ -لأن الرافضة يزعمون أنه أعطاهم علم الغيب أو الجفر وهي دعوة قديمة- فقال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إلا ما في كتاب الله، أو فهماً يعطاه رجل أو ما في هذه الصحيفة، فأخرجها من قراب سيفه فكان من جملة ما فيها: وأن لا يقتل مسلم بكافر]] وهذا في الصحيحين في روايات عدة وغيرهما، والأمة على ذلك.
وإنما شبهة الإمام أبي حنيفة رحمه الله ومن على مذهبه هي قولهم: إن الزيادة على القرآن نسخ، وهذه الشبهة في علم الأصول، فإن عندهم قاعدة أصولية: وهي أن السنة لا تنسخ القرآن، وعلى ذلك، فالنفس بالنفس هذا في كتاب الله، أما ما في السنة فلا يعتبرونه كما فعلوا في مسألة التغريب سنة للزاني، فإنهم قالوا: إن الجلد قد ذكر في كتاب الله وفعله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكن التغريب جاءت به السنة زيادة على ما في القرآن، والزيادة نسخ، والسنة لا تنسخ القرآن؛ فلا نعمل بها، وهي قاعدة خاطئة.