أحد الإخوة يقول: عندما آتي لأنصح أحد الإخوة يأتي الشيطان ليلقي في نفسي العُجب؛ فعند ذلك أترك النصيحة؟
الجواب
العُجب داءٌُ خبيث، والشيطان لا يبالي بأي وادٍ هلك الإنسان؛ فإن أهلكه بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسن, وهذا ما يريد, وإن غلبه الشاب التقي، وقال: لا يمكن أن يخدعني الشيطان، لابد أن أدعو إلى الله وأن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، كيف والدين النصيحة؟! كيف والله تعالى أمرنا {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران:١٠٤]؟! إذًا أنا لا أطيع الشيطان في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله.
ولكن إذا أخذ يدعو إلى الله أتاه الشيطان بأمراض القلب؛ أتاه بالعجب والغرور والرياء, وليس ذلك حرصاً منه على علاج قلبك من هذه الأمراض, ولكن ليقول لك: إن دعوت إلى الله فإنك ستعجب بهذا العمل، ويدفعك ذلك إلى الرياء، فخير لك أن تسكت وألاَّ تدعو, فهو يأتي من باب الناصح المشفق المحب، ومتى كان عدو الله ناصحاً مشفقاً؟! ألم يقاسم أبوينا في الجنة إنه لهما لمن الناصحين، وإنه مشفق، وإنه يريد لهما النعيم والملك الذي لا يبلى، وأن يكونا ملكين وغيرها من الوعود والغرور الكاذب؟! ولهذا نقاومه من الجهتين:- - من جهة أننا لا نترك الدعوة إلى الله، ولا طلب العلم، ولا عبادة ربنا عز وجل من أجله.
- ومن جهة أننا إن جاءنا فقال: اتركوا هذه الطاعات خشية الرياء, فإننا لا نطيعه.
لكن مع ذلك لابد أن نحذر من العجب والرياء, ونحذر من كل ما يحبط أعمالنا، لأن هذه المحبطات تجعل أعمالنا هباءً منثوراً, وما قيمة العمل والجهد إذا كان هباءً منثوراً؟! وما قيمته إذا كان لغير لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟! فنحن نقاوم ونحارب العجب والغرور والرياء، ونعمل, ولكن لا نثق في أن هذا العدو ينصحنا ويحذرنا من العجب, فتكون نتيجة ذلك أننا لا ندعو إلى الله ولا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر.